قربانُ العهد الجديد هو التقدمةُ ذات الرائحة الطيبة، والذبيحة هي حياتُنا المقدمة على مذبح خدمة الرب ولجميع الناس..
لقد عرف الناس منذ القدم معنى وأهمية التقدمات والذبائح وقدّموها بمعانيها العملية المادية، فقدموا للرب من محاصيل الأرض ومن دخولهم ومن أرزاقهم، إيماناً منهم بأنّ الله يباركهم ويزيدهم أكثر فأكثر، لا وبل قدموا الذبائح الدموية ليُبعد الربُّ عنهم شرَّ الوباءِ و المرضِ، ويبعِدَ عنهم شبحَ الموت..
واليوم نحن مطالبون أنْ نقدِّمَ لله تقدمةً وذبيحةً من نوع آخر. التقدمةُ التي يتنسم منها الله رائحة طيبة وتنال رضاه ه هي تقدمة المحبة، ولا شيء غير المحبة.
فالله يريد منا صفاء قلوبنا ونقاء سريرتنا وصحوة ضميرنا. هذه كلّها أمور تآكلت مع تقدّم الحياة وتقنياتها واتصالاتها وعلومها واختراعاتها، ولكنها تبقى هي الأساس في أي تعامل بشري. فالألة والذكاء الإصطناعي قد يفعل أي شيء او قد يقدم أي شيء، لكنه لن يقدم الحّب والحنان والعواطف والمشاعر الإنسانية. وهذه ما نحتاج إليها كبشر. ويطلب منّا الله أن نعيشها وأن تغلّف كامل تعاملاتنا مع بعضنا بعضا لتكون تقدماتنا ذات رائحة طيبة تصعد إلى السماء..
والذبيحة التي يطلبها الله منا ليس أقل من ذبيحة أجسادنا الحيّة، أي الحياة المذبوحة والمضحية والمتألمة في سبيل الإنسانية وسعادتها، وفي سبيل خدمة الإنسان وبناء المجتمعات الإنسانية النابضة بالحب والجمال والحياة.
فإن لم نقدّم مثل هذه التقدمات ومثل هذه الذبائح لن نرى ملكوت الله أبدا.