حتَّم علينا الوضع الوبائي هذا العام أيضاً تباعداً إجتماعياً حتى في المناسبات الدينية التي نحبّها ونجلُّها وننتظر الإحتفال بها لما تزخر به من معانٍ روحيةٍ كبيرةٍ وأبعادٍ اجتماعية محببة. لكننا وإن كنا نحتفل هذا العام وللمرة الثانية بالأسبوع المقدس ابتداء من أحد الشعانين وانتهاء بعيد القيامة المجيدة لكننا نتطلع بعون الله إلى انحسار هذا الوباء في الأيام القادمة لنعود إلى ممارسة حياتنا الطبيعية المفعمة بكل معاني الحياة والجمال.
إن أحد وجوه أحد الشعانين هو كشف وجوه النفاق والزيف لدى الناس، إذ أن نَفْسَ الجموع السائرة خلف يسوع والمؤيدة له والملوحة بسعف النخل هي نفس الوجوه التي طالبت بعد أيام قلائل بصلبه. هذا ليس بغريب عن عالمنا، فلربما العالم اليوم ازداد نفاقاً ووجهنة وزيفاً، ففي وجهك يتكلمون شيئاً ومن خلفك شيئاً آخر. وهذا أخطر شيء في مجتمعاتنا اليوم، لأن النفاق لا يَبْني مجتمعات ولا مؤسسات روحية أو اجتماعية ولا حتى أوطان، وأخطر شيء أن نُظهرَ شيئاً ونبطن شيئاً آخر.
وربما نحن مدعوون اليوم لأن نكون أصحاب وجه واحد وهو وجه الحق والصدق والإخلاص والوفاء الذي لا يعرف التلون ولا الخيانة والغدر، أي أصحاب موقف واضح كالرجال الرجال، صادقين من أنفسنا وصادقين مع الله وكذلك مع القريب. فالقناع الذي قد نلبسه أو التلوّن الذي قد نتلون به لن يدوم بل سينكشف ويتعرى أمام الحقيقة، وعندها سنخسر حبّ الناس واحترامهم لنا. فالأفضل أن يكون له وجه واحد لا وجهان.