" على السكين يا بطيخ ” عبارة جميلة جدا ونسمعها باستمرار في فصل الصيف وتحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر واهمها الشفافية والجودة في التعامل والبيع .
ويعتبر البطيخ الاردني الاحمر من الفاكهة الرئيسية الشعبية التي يتناولها المواطن الاردني باستمرار في فصل الصيف كونها تلعب دورا هاما في ازالة عطش الصيف وتسمى ” فاكهة الصيف المنعشة ” وتحتوي الثمرة من الداخل على كميات كبيرة من المياه حيث تشكل ما نسبته 90% فيها , ويتم تناولها على كافة المستويات المعيشية نظرا للعديد من المزايا المرتبطة بها من الناحية الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية والسياسية .
فمن الناحية الصحية وحسب خبراء التغذية فالبطيخ هو صيدلية متنوعة فهو مدر للبول وحامي الكلى ومزيل للعطش الشديد في فصل الصيف , ويعمل على تخفيض ضغط الدم وتخفيض الوزن والوقاية من امراض القلب والسرطان ومصدر مهم للفيتامينات وغيرها .
و من الناحية الاقتصادية يعتبر سعر كيلو البطيخ مناسب جدا لأصحاب الدخل المحدود وكذلك للفقراء والمساكين حيث يصل سعر الكيلو الواحدة في ذروة المحصول من 10 الى 15 قرش واقل من ذلك وتباع البطيخة التي يصل وزنها 10 كيلوغرام او اكثر بدينار اردني واحد .
ومن الناحية الاجتماعية فيعتبر البطيخ جامع لأفراد الاسرة نظرا لكبر حجم الثمرة والتي لا يتم تقطيعها الى بحضور جميع افراد الاسرة حيث يتم تناولها بشكل جماعي بعد ان يتم تقطيعها الى احجام مختلفة .
ومن الناحية النفسية فهو سبب رئيسي لإدخال البهجة والسرور على كافة افراد الاسر فعندما يتم تقطيع البطيخ الى فصوم على شكل مثلثات ويبدا الجميع بتناوله بالطريقة المعروفة من خلال الفم مباشرة بطريقة ” الجغم ", وهذا المشهد , يتسبب بإدخال البهجة والسرور على وجه جميع افراد العائلة عندما يرى كل منهم الاخر وماء البطيخ وصل الى منتصف الوجه واليدين ويصل الى المرفقين ويتساقط على الارض , حتى تجد الجميع في حالة من الانبساط الكبير والتعليقات المختلفة الساخرة , والاطفال في ذات الوقت يتناولون البطيخ ضمن فعالية السباق من يأكل اكثر واسرع وينهي قبل الاخر , حيث يبقى الجميع مجتمعون على اكل البطيخة حتى الانتهاء منها ولا يبقى الا القشرة الخارجية التي يقوم الاب دوره بتقطيع القشرة الى مربعات صغيرة واشكال مختلفة من باب التسلية ومن ثم التخلص من القشر .
ومن الناحية الثقافية كانت زراعة البطيخ تعتبر مصدر دخل رئيسي للأسر حيث يرتبط زراعة وحراسة مزارع البطيخ وطريقة تناوله بالعديد من القصص والروايات ما بين الحقيقية والخيالية وحتى اليوم , فما زال العديد من ارباب الاسر يتحدثون عن ماضي الاباء والاجداد بكافة تفاصيل الحياة مما يساعد الاطفال على حفظ التراث الاردني والعادات والتقاليد في ذاكرتهم وتبقى القصص والروايات متوارثة الى ما شاء الله .
ومن الناحية السياسية فتعتبر عبارة ” على السكينة يا بطيخ ” مثال في الشفافية والمصداقية وهو مطلب اردني بحت في ظل انتشار الفساد والمحسوبية وغياب المكاشفة والامانة والاخلاص في العمل في تلقي الخدمات والتعامل في معظم الامور التي تتعلق في صميم حياة المواطن الاردني , فطريقة بيع البطيخ وما تحمله من شفافية ومصداقية والقبول والرضا بالشراء مثال يحتذى به , فالمشتري على يقين تام بانه يحمل مادة غذائية سليمة ومضمونة وسعرها مناسب , والمطلوب من الحكومة ومن كافة المؤسسات في القطاعين العام والخاص وكافة القطاعات وتحديدا الخدماتية التعامل مع المواطن الاردني في كافة الامور التي تخدم مصالحه العامة والخاصة بكل شفافية ومصداقية وعدالة وامانة واخلاص .
وطريقة بيع البطيخ الاردني الاحمر ليس فقط مثال يحتذى به في التعامل وانما الوان مكونات البطيخة تذكرنا بوطننا الحبيب , فمكونات البطيخة نفس الوان العلم الاردني فهي تحمل اللون الاخضر من الخارج واللون الاحمر من الداخل ولون حبات البزر اسود واطراف ثمرة البطيخ من الداخل اللون الابيض , ومقدار حبنا لتناول فاكهة البطيخ بشغف , وعندما نكون في حالة من العطش الشديد , يجب ان يكون حبنا للوطننا اكثر من ذلك بكثير. و عالسكينة يا بطيخ .