قال تعالى: {وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، والسؤال المتصل بالنطق الإلهي هو: كيف سيزيد اللهُ الإنسانَ عِلماً ؟
هل يفتح اللهُ جماجمَ خلقِه، فيصب فيها العلمَ والمعرفة والحكمة صباً ؟!
هل من سبيل أمام الناس إلى طلب العلم، إلا القراءة وحضور مجالس العلماء ؟ فالله لا يزيد تاركَ القراءة عِلماً !
والعلمُ الذي علينا واجب طلبه وبلوغه، هو الذي يوفر لنا الحكمة الضرورية لاتخاذ القرارات الأكثر صوابا، وهو بشكل ما، الدهاء والمكر والقدرة على التحليل والتعليل.
وهو الانفتاح على العصر والأمم وعلومها ومنجزاتها والتفاعل مع ذلك للوصول إلى المنفعة المتحققة من إدراك العلم. لا الانغلاق ولا التقوقع والانزواء والنكوص والعزلة بحجة الحفاظ على النفس والدين والقيم والتقاليد والعادات، وكأنّ الانكفاء بلسم ودواء !
سألوا داهية العرب المحنك الحكيم، رجل الدولة، قائد غزوة بدر وفاتح مصر، الصحابي عمرو بن العاص:
- ما العقل؟
- قال: هو الإصابةُ بالظّن، ومعرفة ما سيكون بما كان.
أي أن العقل هو التفكير، الديالكتيك، الجدل، الفلسفة، التفكيك والتركيب، الابتكار، الاستنباط، الاشتقاق، البصيرة، التدبير، التوقع، ... إلخ.
عندما يرشدنا ربُّ العزة إلى بوابات الخير، ويحثنا على طلب المزيد منه، فإنه يدعونا إلى القراءة المتبصرة الواعية.
ويمكن أن نلخص بوصلة العلم واوتوستراده السهل الآمن غير المزدحم، بالعودة الى قوله عزّ و جلّ: "اقرأ"،
نعم، إن اقرأ، هي الرافعة والمحفّة التي تحمل منهاجا.
عن أبي هريرة: "من سلك طريقاً يلتمس فيه عِلماً، سهّل اللهُ له به طريقاً إلى الجنة".
والآن، هل نحن من الذين يمتثلون لما يطلبه الله منا بأن نقرأ لنحصل على الخير العميم، الذي يبيّن الله لنا أنه موجود في الكتب وفي مدارس الحياة ودروسها ؟
واضح ان علينا إعلاء شأن الكتب والقراءة، لنأخذ ما فيها من نفع، ولنبلغ المراتب التي لا تتحق لنا إلا بالعلم والمعرفة وبوابة ذلك القراءة.
أحيانا ينطبق علينا حال الأعرابي الذي ناداه حكيم قائلا: يا أعرابي تعال خذ خيرا.