تحتضن بلدة مدين جنوب شرق محافظة الكرك "آبار مدين"، أحد المعالم التاريخية والدينية المرتبطة بذاكرة المكان السياحية، والتي يلفها النسيان والغياب عن الخريطة السياحية المحلية والعالمية.
ويقول مواطنون أن آبار مدين بحاجة إلى الاهتمام والعناية من وزارتي الأوقاف والسياحة والآثار، لتكون وجهة سياحية جاذبة، نظرا لأهميتها السياحية والدينية والتاريخية.
وقالت رئيسة جمعية سيدات مدين الخيرية هنية البيايضة، إن للبئر في الذاكرة الشعبية لأبناء المنطقة أهميته في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى مكانته الدينية لارتباطه بنبي الله شعيب وسيدنا موسى عليهما السلام، ما يجعل منه معلما سياحيا دينيا يسهم في تنشيط الحركة السياحية للمنطقة.
وأضافت أنه تم إطلاق العديد من المبادرات ومنها "يلا على مدين"، من أجل تطوير الموقع ولفت الأنظار إليه ولإعادة إحياء المنطقة وتنشيطها والعمل على تحسين واقعها سياحيا واقتصاديا، لما تحويه من معالم ومقومات وفي مقدمتها البئر والمباني البازلتية القديمة.
وأوضحت أن الموقع يعاني الإهمال وغياب التطوير ويفتقر للمرافق الضرورية للزوار، خصوصا المرافق الصحية والمياه ومقاعد الجلوس والساحات، وكذلك غياب المواقف للحافلات التي يستقلها الزوار، التي تصطف بطوابير طويلة للوصول إلى موقع الآبار.
وفي ذات السياق، يشار إلى أن فريقا بحثيا من جامعتي "الهاشمية وآل البيت" ومؤسسات علمية وثقافية، سلط الضوء على آبار مدين والأبعاد التاريخية والدينية وامتداداتها عبر العصور، حيث جاءت دراسة الفريق البحثي تحت عنوان "اكتشاف حضارة مدين"، لمؤلفه رئيس الفريق الدكتور محمد وهيب من الجامعة الهاشمية.
وقال الدكتور وهيب إن "النتائج العلمية والتاريخية، أكدت أن مركز مدين كان في الكرك، وأن امتداده كان واسع الانتشار، بحيث وصل إلى بلدان مجاورة، وأنه جرى تثبيت هذا الانتشار من خلال دراسات ميدانية ومسوحات أثرية أجريت على مر العقود في جنوب المملكة".
وأشار إلى "تثبيت المسار الواصل بين مدين وديار لوط وأصحاب الأيكة في محافظات: الكرك ومادبا، والبلقاء، عبر وادي الموجب والوالة ووادي حسبان إلى وادي شعيب في البلقاء، وامتداد سهول الشونة الجنوبية والرامة والكفرين".
وأشار الباحث حامد النوايسة، إلى تطابق الرويات التاريخية مع الجغرافيا والتي تشير إلى أن موقع بئر مدين الذي ورد ذكره بالقرآن الكريم والذي استسقى منه سيدنا موسى لابنتي النبي شعيب موجود في بلدة مدين بالكرك، لافتا إلى قدم بلدة مدين والتي تعود الى آلاف السنين، ويستدل على ذلك من قربها من كهف لوط غربا والمطل على البحر الميت.
وأكد مدير أوقاف الكرك الدكتور عزام الشمايلة ، أن "الموقع أصبح جزءا من برنامج الإعمار للجنة الملكية لإعمار المواقع والأضرحة والمقامات بالمملكة، وأنه سيشهد تطويرا وتوفيرا للمرافق الخدمية الضرورية لخدمة الزوار"، مشيرا إلى أن الموقع أثري ديني مسجل من قبل وزارة الأوقاف، وهناك أعداد كبيرة من الزوار تأتي للموقع نظرا لأهميته الدينية.
من جهته، أوضح رئيس لجنة السياحة والآثار والبيئة في مجلس المحافظة حسين الطراونة، إن "الموقع مهم ويمكن أن تضعه وزارة السياحة على برنامجها"، مشيرا إلى زيارة الموقع والبحث مع أهالي المنطقة احتياجاتها الضرورية لجميع القطاعات، للوقوف على دراستها ووضع الخطة المناسبة لدعمها، خاصة تعبيد الطريق وإنارة المنطقة وإقامة مصلى.
وشدد على "أهمية التشاركية بين السياحة والآثار والأوقاف والمجلس، لتطوير الموقع وتوفير منتج سياحي مهم بالكرك، خصوصا في مجال السياحة الدينية.