في هذا اليوم ، نتشرف بأن نقف جنبا الى جنب ونشارك الشعب الأذربيجاني من خلال سفارتنا لدى المملكة الأردنية الهاشمية باحياء الذكرى الوطنية المجيدة – ذكرى وفاة الزعيم الوطني لجمهورية أذربيجان – الذي وافته المنية يوم 12 ديسمبر 2003 ، لنستذكر بالفخر والاعتزاز هذا القائد العظيم الذي وضع أذربيجان على خارطة العالم كدولة قائمة على اساس التعددية السياسية والديمقراطيه.
لقد ولد حيدر علي رضا علييف في العاشر من مايو – آيار سنة 1923 في مدينة ناختشيفان العريقة في جمهورية أذربيجان ، المدينة الأذربيجانية التي انجبت الأدباء والمفكرين والمعمارين الذين أثروا التاريخ الأذربيجاني بالعلم والمعرفة ، و في عام 1939 بعد تخرجه من مدرسة ناختشيفان التربوية والتحق في عام 1941 بمعهد الصناعة الأذربيجاني ودرس في كلية الهندسة المعمارية ليصبح معماريا ، وقد ترأس حيدر علييف القسم في جامعة الشعب ، مفوضية الشؤون الداخلية لجمهورية ناختشيفان الاشتراكية السوفياتية المتمتعة بالحكم الذاتي.
في عام 1944 تم إيفاده للعمل في أجهزة أمن الدولة. وقد تم تعيينه عام 1964 في منصب نائب رئيس لجنة أمن الدولى ، ومنذ عام 1967 شغل حيدر علييف منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية، وقد منح رتبة لواء ،وخلال تلك السنوات حصل على التعليم العالي الخاص في لينينغراد، وفي عام 1957 تخرج من كلية التاريخ بجامعة أذربيجان الحكومية.
في يوليو – 1969 انتخب حيدر علييف سكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني ومنذ تلك اللحظة أصبح قائدا لجمهورية أذربيجان بموجب النظم والقوانين المتبعة في ظل الحكم السوفياتي السابق وقد استمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982 ، كما عين عضوا في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي في ديسمبر عام 1982 ، ثم اصبح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء للاتحاد السوفياتي، وبذلك أصبح أحد القادة من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وصار خلال 20 سنة نائبا لمجلس السوفييت الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية،ولمدة خمس سنوات – كان نائبا لرئيس مجلس السوفيات الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.
خلال الفترة من 1991-1993 شغل حيدر علييف منصب رئيس الجمعية العليا لجمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي ونائب رئيس مجلس السوفيات الأعلى لجمهورية أذربيجان.
وبالرغم من توالي الأحداث الصعبة التي كانت تمر بها البلاد والتي تمثلت بدخول الجيش السوفياتي الى باكو وما تلاها من عدوان جمهورية أرمينيا على أذربيجان ، واحتلال 20% من أراضيها اذربيجان وما ترتب على ذلك من تفاقم ماساة اللاجئين ونزوح المواطنين من ديارهم ، فقد قام الرئيس حيدر علييف بأهم منجز حضاري تمثل بالتعريف بتاريخ اذربيجان وإعاد توحيدها ، وتمكن من إبعاد شبح الحرب الأهلية فيها ، وقد نجح في أعادة تحقيق التضامن بين جميع فئات المجتمع ، وقاد البلاد من التفكك والتشرذم الى الوحدة والاستقرار.
في 15 يونيو 1993، تم انتخاب حيدر علييف رئيسًا لمجلس السوفيات الأعلى لأذربيجان، وفي 24 يوليو - وبقرار من المجلس الوطني (البرلمان)، بدأ بممارسة صلاحياته كرئيس للجمهورية.
ومن خلال الاستفتاء الشعبي العام ، تم انتخاب حيدر علييف رئيسًا لجمهورية أذربيجان في 3 أكتوبر 1993 وفي 11 أكتوبر 1993 ، تم إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت بعد أن حصل على 76.1 صوت.
وبفضل إرادة حيدر علييف السياسية العظيمة وحكمته فقد عمل على تعزيز سياسة واستقلال ووحدة اراضي جمهورية أذربيجان ، وكان له الفضل الاول في رفع وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لمواطني اذربيجان وقد كان عهده يمثل فترة التغيرات والتحولات الجذرية وتحققت فلسفة أذربيجان المستقلة التي تقوم على الحرية والديمقراطية والتقدم الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والازدهار. وبذلك دخلت اذربيجان يقيادة حيدر علييف مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر واصبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي وتمكنت من احتلال مكانة قوية على الساحة الدولية ، كما وتم توقيع إتفاقية القرن في باكو 1994، من قبل شركة النفط الحكومية الأذربيجانية و10 شركات من 6 دول أخرى ، وقد ساهمت استراتيجية النفط الجديدة لأذربيجان ولعبت دورًا فاعلا في النهوض بالبلاد وعلى مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجيواستراتيجية مما وضع أذربيجان للمرة الأولى على خريطة العالم الاقتصادية.
وعلى صعيد سياستة الخارجية فقد سعى حيدر علييف الى توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين جمهورية أذربيجان والبلدان العربية والاسلامية ، كما ودعا الى الوحدة واتخاذ الموقف المشترك للدفاع عن مصالح المسلمين في كافة بقاع العالم.
وبهذه المناسبة نود القول بأن العلاقات المتميزة التي تربط الاردن وأذربيجان ، والتي أرسى دعائهما الراحلين جلالة الملك الحسين بن طلال والرئيس حيدر علييف ، واستمر على نهجهما جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الهام علييف ، ونشير هنا الى الاجتماع الذي عقد بين جلالة الملك الحسين والرئيس حيدر علييف على هامش القمة الاسلامية في 13 كانون الاول 1994، التي استضافتها مدينة الدار البيضاء بالمغرب ، التي جمعت بين القائدين العظيمين ، طيب الله ثراهما، وقد كان وضع هذا اللقاء الاساس المتين لعلاقات الصداقة والتعاون والأخوة بين القائديْن، وحدّد مسارها لسنوات قادمة ، كما فتح صفحة جديدة متطورة من تاريخ العلاقات الاذربيجانية الأردنية ووضع اساسها، وكان له دور عظيم في تمتين العلاقات بين البلدين ، فكان ان تبعه تبادل الزيارات والاجتماعات واللقاءات ذات الطابع السياسي والاقتصادي والثقافي وغيره على حد سواء، لا سيما بعد تأسيس التمثيل الدبلوماسي في كلتا العاصمتين.
و تقديرا للرئيس حيدر علييف فقد تم تأسيس شارع في عمان يحمل اسم ابن أذربيجان الكبير ما يدل على تقدير حكومة المملكة لنشاط حيدر علييف واسهامه في إقامه وتطوير العلاقات الثناية بين البلدين الشقيقين.كما تم انشاء شارع في باكو جمهورية أذربيجان باسم المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله.
وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فقد كان موقف الرئيس حيدر علييف ثابتا وواضحا وقد برز ذلك خلال لقاءاته مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات: بأن أشار دوما إلى أن أذربيجان صديقة لفلسطين وجمهورية أذربيجان المستقلة وداعمة دائما لها وسوف تواصل دعمها للنضال البطولي للشعب الفلسطيني.
لقد بذل حيدر علييف ومنذ وصوله الى السلطة جهودا جبارة للفت انظار المجتمع الدولي الى قضية بلاده العادلة و تحرير الأراضي المحتلة في أذربيجان من العدو ، و لم يدخر الزعيم الراحل جهداً في سبيل تحرير كاراباخ وشرق زنكازور، وخلال فترة رئاسته للبلاد تمكن من تاسيس وبناء دولة اذربيجان الحديثة ،و سيبقى الشعب الاذربيجاني وفيا ومكملا لمسيرة العطاء التي أسسها هذا القائد والسياسة التي انتهجها ، ورغم وفاته عن عمر ناهز الثمانين عاماً، إلا أن اسمه وسياسته أصبحا أيديولوجية خالدة للسياسة التي أسسها القائد العظيم.
اليوم أصبحت كاراباخ وزنكازور الشرقية حرة ، وبكل فخر نقول بأن تاريخ أذربيجان الحديث لا يمكن تصوره بمعزل عن القائد العظيم حيدر علييف ،صاحب الشخصية الاستثنائية التي صنعت تاريخ أذربيجان الحديث بسياسة التجديد الرائعة التي اتبعها.
لقد كان طموح الرئيس الراحل حيدر علييف لا حدود له في نطاق توجهه الدائم نحو تطوير بلاده حيث كانت لديه خطط مستقبلية واسعة ، ولكن حالته الصحية حالت دون امكانية مواصلة نشاطه ومسيرة عطائه بحيث تخلى عن خوض الانتخابات الرئاسية في 15 أكتوبر 2003، وتوفي الزعيم الوطني في مستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة في 12 ديسمبر 2003 ،
لقد واصل الرئيس الهام علييف مسيرة والده بثقة وخطى ثابته وحافظ على أمجاد وتاريخ بلاده التي صنعها القائد العظيم ، كما استطاع بحكمته السياسية أن يؤسس مدرسة جديدة للدولة واضعا كافة الأسس المتينىة لعصر تاريخي جديد ومتطور، وقد وفى إلهام علييف بعهده والتزم بوصية والده حين قام بتحرير الأراضي التي احتلتها ارمينيا لسنوات عديدة وهكذا تحقق الحلم الأكبر للقائد الأعلى لأذربيجانوعلى النحو الواجب من خلال وضع حد للاحتلال الأرمني الذي دام ثلاثين عاماً.
في 29 سبتمبر 2022، وبموجب المرسوم الذي وقعه رئيس الجمهورية إلهام علييف والذي يقضي بإعلان عام 2023 في أذربيجان ، "عام حيدر علييف " فقد تم تنظيم العديد من الفعاليات داخل وخارج أذربيجان إحياءاً للذكرى المئوية لميلاد القائد العظيم حيدر علييف ، وسوف تستمر هذه الفعاليات حتى نهاية هذا العام ، وبهذا الصدد لا يسعنا الا ان نشيد وباعتزاز بأنه قد تم تنظيم العديد من الفعاليات الهامة التي نظمتها سفارتنا خلال هذا العام 2023.على ارض المملكة الأردنية الهاشمية احتفاءا بهذه المناسبة الوطنية الهامة.