إن قانون البلديات رقم 79 لسنة 1966 يُعد ركيزة أساسية في تنظيم عمل البلديات في الأردن على مدار عقود. ومع التغيرات السريعة التي يشهدها العالم في مجالات الاقتصاد والتنمية المستدامة والتخطيط الحضري، أصبح من الضروري تحديث هذا القانون ليتواكب مع المتطلبات الحديثة وإدارة المدن الذكية.
لم يعد التحديث مجرد مسألة قانونية، بل هو استجابة حتمية لتحديات جديدة تطرأ على إدارة المدن والقرى، خاصة في مجالات الاستدامة وأثر التغير المناخي، حيث أصبح دور البلديات محوريًا في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
التوجهات العالمية الحالية تركز على أهمية استقلالية البلديات في تطوير خططها التنموية، التي تتضمن تعزيز الاستدامة البيئية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
دور البلديات يجب أن يتجاوز مجرد القيام بالمهام التقليدية، مثل فتح الشوارع أو تصديق المخططات التنظيمية أو جمع رسوم التراخيص للأبنية والمهن، ليكون أكثر فاعلية في تحويل مصادر الدخل إلى قنوات تعزز إيرادات البلدية، لتقديم خدمات تدعم الاستدامة، وتحفز الاقتصاد المحلي، وتحسن نوعية الحياة.
القانون الحالي، الذي لا يزال ملف تحديثه مؤجلًا، بحاجة ماسة إلى تطوير يمنح البلديات مزيدًا من الصلاحيات والمرونة لمواجهة تحديات العصر، خاصة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز قدرتها على جذب الاستثمارات وتحقيق تنسيق فعال بين مختلف القطاعات.
إن التحديث المنتظر لقانون البلديات يتقاطع بشكل مباشر مع الأهداف التنموية التي تبنتها الحكومة الحالية، والتي تعتمد منهجية تقوم على خطط قابلة للقياس تركز على الشفافية والمساءلة. هذا التوجه يساهم في تسريع تحديث التشريعات بما يتوافق مع رؤية الحكومة لتطوير الإدارة المحلية.
وما تابعناه في أداء حكومة الدكتور جعفر حسان ومنهجيات عملها لتوجيه البلاد نحو مرحلة جديدة من التحديث المناطقي، يجعلنا متفائلين بأن الحكومة الحالية، التي تحرص على عقد مجلسها الكريم في المحافظات بالتوالي، لن تمر مرور الكرام على هذا القانون غير المحدث والمؤجل كما فعلت الحكومات السابقة. نحن واثقون بأن هذا النهج سيحقق تحديثًا جذريًا يعزز قدرة البلديات على التعامل مع التحديات المستقبلية بكفاءة أكبر.
كما أن مؤشرات قياس الأداء الدولية، مثل مؤشرات الاستدامة العالمية والتغير المناخي، تُعد معيارًا رئيسيًا لتقييم تقدم الدول. في هذا الإطار، يُعتبر التحديث المستمر للتشريعات المحلية أحد العوامل الأساسية لتحسين ترتيب الدول في هذه المؤشرات. بناءً على ذلك، فإن تحديث قانون البلديات سيشكل خطوة محورية لتحسين ترتيب الأردن في هذه التصنيفات العالمية.
إن التحديث المرتقب لهذا القانون ليس فقط عملية قانونية، بل هو جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين البيئة المحلية وتمكين البلديات من تقديم خدمات أكثر كفاءة، مما سينعكس إيجابًا على رفاهية المواطنين.
جودة الحياة أصبحت اليوم معيارًا عالميًا لقياس نجاح الأنظمة الحكومية، وتشمل عناصر متعددة مثل مستوى المعيشة، وتوافر الخدمات العامة، والاستدامة البيئية. عبر قانون بلديات محدث وكوادر مدربة ذات خبرات، ستكون البلديات قادرة على الاستجابة بسرعة ومرونة لاحتياجات المجتمع المحلي، لا بل والمنافسة إقليميًا، مما يعزز جودة الحياة في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.
تحديث هذا القانون سيكون له دور محوري في جذب الاستثمارات، إذ تمثل البلديات نقطة الاتصال الرئيسية للمستثمرين المحليين والدوليين. من خلال بيئة تنظيمية مرنة ومستدامة وبنية تحتية محورية، ستصبح البلديات أكثر قدرة على جذب الاستثمارات والمساهمة في تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشمل جميع مناطق المملكة، بما في ذلك المناطق التي تفتقر حاليًا إلى خطط تنموية شاملة.
في الختام، فإن التحديث المطلوب لقانون البلديات يُعد خطوة محورية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين نوعية الحياة في الأردن. ومن خلال تمكين البلديات من تلبية احتياجات المجتمع، يمكن تحقيق نقلة نوعية تخدم جميع المواطنين.