هناك لحظات في التاريخ لا تسجلها الكتب فقط، بل تنقشها الأرواح في ذاكرة الوطن، فتظل خالدةً لا تمحوها الأيام ولا تعصف بها السنون. معركة الكرامة واحدة من هذه اللحظات، حيث التقى المجد بالعز، وتجلّت البطولة في أنصع صورها، تحت راية الهاشميين الذين قادوا الأردن ليكتب فصلاً جديداً في سجلات الفخر والكرامة.
في صباح 21 آذار 1968، أشرقت شمس الكرامة على أرض الأردن الطاهرة، لكنها لم تكن كسابقاتها، فقد كان القدر قد خطّ سطور البطولة في ذلك اليوم، حين قررت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام بلدة الكرامة، معتقدة أن الأرض ستخلو لهم، وأن النصر سيكون سهل المنال.
لكن الجيش العربي الأردني، تحت قيادة الهاشميين الشجعان، وفي مقدمتهم الملك الحسين بن طلال رحمه الله، كان لهم بالمرصاد. لم يكن مجرد قتال، بل كان ملحمة من الصمود والتحدي، حيث واجه الجنود الأردنيون بقلوبهم قبل أسلحتهم، واستبسلوا في الدفاع عن أرضهم حتى اضطر العدو إلى الانسحاب، تاركاً وراءه خسائره الفادحة وكرامته المهدورة.
لطالما كان الهاشميون على مر التاريخ رموز العزة والبطولة، فهم لم يكونوا مجرد قادة، بل كانوا نبض الأمة وضميرها الحي، يدافعون عن الأرض بقلوب مؤمنة، ويقودون الجيوش بعزم لا يلين. وفي معركة الكرامة، كان الملك الحسين حاضراً بروحه وإرادته، يقود جنوده بثبات، ويقف على الجبهة رغم المخاطر،وكانت
نتائج المعركة الكرامة عنوان لا يُمحى
لم تكن معركة الكرامة مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت إعلاناً بأن الأرض لا تُوهب إلا لمن يحميها، وأن السيادة لا تُشترى إلا بدماء الأبطال، خرج الأردن من المعركة مرفوع الرأس، فقد لقّن العالم دراساً في الشجاعة، وأثبت أن الإرادة الصادقة أقوى من أي آلة حرب.
لقد كانت معركة الكرامة تجسيداً لروح الأمة، عنواناً للصمود، رمزاً للعزة التي قادها الهاشميون بشرف وإخلاص، لتبقى راية الأردن خفاقة، وليظل اسم الكرامة محفوراً في وجدان كل عربي حر.
كانت الكرامة بالأمس، لكنها لا تزال حاضرة في وجداننا، تذكرنا أن الأرض التي تُروى بدماء الشرفاء لا تعرف الهزيمة.