في قلب الشرق الأوسط، تتواصل مأساة إنسانية تتجاوز كل الحدود، إذ يعيش قطاع غزة المحاصر، أيامًا عصيبة تحت وطأة القصف والمعاناة وسكوت العالم أجمع عما يحصل بالقطاع، وبينما تتصاعد وتيرة العنف، وتتوالى الخسائر في الأرواح والممتلكات، يلوح في الأفق سؤال مؤلم: لماذا يلتزم العالم الصمت؟
منذ اندلاع الصراع الأخير، تحولت غزة إلى ساحة حرب وساحة من الدماء الطاهرة لشهداء غزة تملئ ارضها من أطفال ونساء وشباب وكبار السن، إذ يعيش المدنيون في رعب دائم، ويواجهون الموت في كل لحظة، المنازل تُدمر، والمستشفيات تعجز عن استيعاب الجرحى، والنازحون يفترشون الأرض في ظروف مأساوية، وفي حين تتفاقم الأزمة الإنسانية، يكتفي المجتمع الدولي ببعض الإدانات الشكلية، دون اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف هذه المأساة.
هناك عدة عوامل تفسر هذا الصمت المريب، أولًا، تعقيد الصراع السياسي، وتشابك المصالح الدولية، يجعل من الصعب على الدول اتخاذ مواقف حاسمة، فالصراع في غزة ليس مجرد صراع محلي، بل هو جزء من صراع أوسع نطاقًا، يشمل قوى إقليمية ودولية، ولكل منها أجندته ومصالحه.
ثانيًا، التحيز الإعلامي، وتضارب الروايات، يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، وتبرير هذا الصمت، فوسائل الإعلام الغربية، على وجه الخصوص، غالبًا ما تصور الصراع من زاوية واحدة، وتغفل عن معاناة الفلسطينيين، أو تقلل من شأنها.
ثالثًا، غياب الإرادة السياسية، وضعف الآليات الدولية، يعيقان أي تحرك فعال لوقف العنف، فالأمم المتحدة، على سبيل المثال، تعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة، بسبب الخلافات بين الدول الأعضاء، وعدم وجود آلية فعالة لتنفيذ قراراتها.
لكن، هل يكفي هذا لتبرير الصمت؟ هل يجوز للعالم أن يتجاهل معاناة شعب بأكمله؟ الإجابة بالطبع لا، فالمجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه ما يحدث في غزة، وينبغي على الدول أن تتحد، وتعمل على وقف العنف، وحماية المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة.
وينبغي أيضًا على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطًا على جميع الأطراف، للتوصل إلى حل سلمي دائم، يضمن حقوق الفلسطينيين، ويحقق السلام والاستقرار في المنطقة، فالصمت على هذه المأساة ليس خيارًا، بل هو تواطؤ في الجريمة، وتجاهل للقيم الإنسانية، وينبغي أن ترفع صرخة غزة صوتها، وأن يستجيب العالم لها.