عبيدات
يكتب ... الأردن والإمارات ، تاريخ من الأخوّة
ومسيرة من الشراكة الممتدة
نيرو –
محمد محسن عبيدات
في ليلة
تزيّنت بالبهاء والدبلوماسية والاعتزاز، احتفلت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة
في عمّان مساء الاثنين بالذكرى الرابعة والخمسين لعيد الاتحاد، تحت شعار "متحدين"،
في حفل حمل الكثير من الرسائل الوجدانية والسياسية التي تؤكد عمق العلاقة بين البلدين.
فقد اجتمع في القاعة كلٌّ من سمو الأميرة عالية بنت الحسين، ووزيرة الدولة للشؤون الخارجية
نانسي نمروقة، وعدد من كبار المسؤولين والدبلوماسيين والشخصيات العامة، لتشهد عمّان
أمسية إماراتية الطابع، عربية الروح، أردنية الحفاوة.
منذ اللحظة
الأولى، بدا الاحتفال أشبه بكرنفال دبلوماسي أنيق؛ ألوان الإمارات الأربعة ترفرف بزهو،
وأصوات الترحيب تتصاعد بنبرة محبة صادقة تعكس مكانة الإمارات في قلوب الأردنيين. وعلى
منصة الحفل، ألقى القائم بالأعمال في السفارة، المستشار حمد المطروشي، كلمة احتفالية
أعادت إلى الذاكرة رحلة الاتحاد التي قادها الآباء المؤسسون، مؤكداً أن شعار هذا العام،
"متحدين"، يأتي تزامنًا مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،
رئيس دولة الإمارات، عام 2025 "عام المجتمع"، وهو عام يستعيد روح الاتحاد
الأولى، ويرسّخ قيم المشاركة والإنسانية والعمل المشترك.
وفي كلمته،
شدد المطروشي على متانة العلاقات الأخوية بين الإمارات والأردن، مؤكداً أنها علاقات
راسخة، تعزّزها رؤى قيادية منسجمة بين جلالة الملك عبد الله الثاني وأخيه صاحب السمو
الشيخ محمد بن زايد. علاقات تمتد جذورها في التاريخ، وتتجدد فروعها في كل محطة من محطات
التعاون السياسي والاقتصادي والإنساني.
ولم يقتصر
الاحتفال على الكلمات الرسمية؛ فقد زُيّن الحفل بـ معرض خاص شاركت فيه شركات إماراتية
تعمل في الأردن، قدمت نماذج من أعمالها ومبادراتها، في دلالة واضحة على حجم الحضور
الاستثماري الإماراتي في المملكة، وعلى الثقة المتبادلة التي تصوغ ملامح الشراكة الاقتصادية
بين البلدين. كما قُدمت وصلات شعرية حملت جماليات الموروث الإماراتي، واستحضرت رموز
الأرض والسماء والإنجاز، لتضيف إلى الأمسية لمسة وجدانية أضاءت المكان ولامست الحضور.
ومن بين
تفاصيل الحفل، برزت لغة الأخوّة التي جمعت الضيوف؛ فالأردنيون شاركوا الإماراتيين فرحتهم
بصدق، كما لو أن الاحتفال احتفالهم، والعيد عيدهم. وهو أمر ليس غريبًا على علاقةٍ تُبنى
على الثقة العميقة، والتقدير المتبادل، والدعم المستمر في مختلف الظروف.
إن الحديث
عن الاحتفال لا يكتمل دون التوقف عند المسيرة المضيئة للعلاقات الأردنية الإماراتية،
تلك العلاقات التي تجاوزت الإطار الدبلوماسي لتصبح نموذجًا عربيًا يحتذى به. فمنذ عقود
طويلة، وقف البلدان جنبًا إلى جنب في القضايا العربية والإقليمية، وتبادلا الدعم في
ملفات السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة.
وتُعد
الإمارات من أبرز الدول الداعمة للاستثمار والتنمية في الأردن، إذ أسهمت في مشاريع
استراتيجية داخل المملكة، واحتضنت آلاف الكفاءات الأردنية التي وجدت في الإمارات موطنًا
ثانيًا ومساحة حقيقية للإبداع والنجاح.
سياسيًا،
يجمع البلدين تنسيق عالٍ ورؤية مشتركة تجاه قضايا الأمن الإقليمي والسلام ومحاربة التطرف،
فيما تعكس العلاقات الإنسانية بين الشعبين مستوى رفيعًا من الاحترام والمودة.
لقد كان الحفل الإماراتي في عمّان أكثر من مناسبة دبلوماسية؛ كان صوتًا قويًا يؤكد أن الإمارات والأردن يسيران في طريق واحد، وأن ما يجمعهما أكبر من المصالح وأعمق من العلاقات التقليدية. إنها أخوّة عربية متجذرة، وشراكة تستند إلى الثقة والصدق، ورؤية تقودها قيادتان تؤمنان بالسلام والتنمية وبقيمة الإنسان.
وفي الذكرى
الرابعة والخمسين لعيد الاتحاد، يتجدد العهد بين البلدين على مواصلة البناء، ورسم مستقبل
مشترك أكثر ازدهارًا، حيث تبقى الإمارات والأردن جناحين لطائر واحد، يحلّق نحو آفاق
من الإنجاز والأمل، لا تحدّه حدود ولا تقف أمامه التحديات.