نستحضر اليوم سيرة وطنية خالدة لأحد رجالات الأردن الأوائل، الذين شكّلوا بعطائهم ملامح الدولة، وأسهموا في بناء مؤسساتها العسكرية والأمنية، وهو اللواء أرشيد باشا مرشود العظامات، الذي يُعد من القامات الوطنية التي تركت أثرًا راسخًا في التاريخ الأردني الحديث.
نشأة بدوية وقيم راسخة
وُلد اللواء العظامات عام 1915 في أم القطين، سوسنة البادية الشرقية، ونشأ في بيئة قبلية عُرفت بالأصالة والشهامة، حيث شكّلت قيم الشرف والانتماء والالتزام الوطني أساس تكوينه الإنساني والعسكري، في زمن كانت فيه الجندية عنوان الرجولة وخيار الأوفياء للوطن.
الالتحاق بقوات البادية وبدايات المسيرة
التحق العظامات بقوات البادية عام 1938، في مرحلة مفصلية من تاريخ الأردن، ليكون من أوائل الذين حملوا مسؤولية الأمن والدفاع عن الأرض والإنسان، مؤمنًا بأن خدمة الوطن واجب لا يُؤدى إلا بإخلاص وتضحية.
من نواة الجيش العربي إلى ميادين القتال
كان اللواء العظامات واحدًا من الرواد الذين أسهموا في تشكيل نواة الجيش العربي، ضمن كتيبة المشاة الأولى "المبدونة” عام 1942، وهي الكتيبة التي شكّلت حجر الأساس لمسيرة عسكرية أردنية مشرّفة، قائمة على الانضباط والعقيدة الوطنية الصلبة.
معارك خارج الحدود ووسام الاستحقاق
شارك العظامات في معارك تحرير سوريا من الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، ضمن القوة السيارة الأردنية، حيث قدّم أداءً متميزًا نال عنه وسامًا بريطانيًا تقديرًا لشجاعته ودوره العسكري. كما شارك في القتال على أرض فلسطين، وكان له حضور بارز في معركة الرادار، التي شكّلت محطة مفصلية في مسيرته، ونال عنها وسام الشجاعة الأردني.
مناصب قيادية ومسؤوليات وطنية
تدرّج اللواء العظامات في المناصب العسكرية والأمنية، وتولى مهام قيادية بارزة، من بينها قائد الجبهة الشرقية، ومساعد مدير الأمن لشؤون البادية، حيث عُرف بالحزم والانضباط والعدل في إدارة المسؤولية، إلى أن أُحيل إلى التقاعد برتبة لواء عام 1965، بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
حياة عامرة بالإصلاح وخدمة الناس
لم تتوقف مسيرة العطاء عند التقاعد، إذ واصل اللواء العظامات دوره الاجتماعي والوطني، فكان مرجعًا في إصلاح ذات البين، وقضاء حوائج الناس، ومثالًا في النزاهة والتواضع، جامعًا بين الحكمة والخبرة والخلق الرفيع.
رحيل الجسد وبقاء الأثر
انتقل الشيخ الجليل أبو عارف إلى الرفيق الأعلى عام 2006، بعد عمرٍ طويلٍ حافلٍ بالخدمة والعطاء، تاركًا خلفه سيرة ناصعة ستبقى حاضرة في الذاكرة الوطنية، واسمًا محفورًا في سجل الشرف الأردني.
ويبقى اللواء أرشيد باشا مرشود العظامات نموذجًا لرجل الدولة الصادق، الذي خدم مليكه ووطنه بإخلاص، فكان مثالًا يُحتذى، وقصة وطن تُروى للأجيال.