نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية:
الدكتور عديل الشرمان.
هذا ما عودنا عليه جلالة الملك أن يكون حاضرا بقوة مع ابناء وطنه وشعبه، يعيش معهم وبينهم متقمصا بوجدانه مصابهم واحزانهم، يشاركهم همومهم، ويتألم لألمهم ويفرح لفرحهم ، ويستشعر مشاكلهم ومعاناتهم، أنها سمات القيادة الناجحة والعمل الجاد، فما حمله مقال جلالته من مضامين عميقة ومؤثرة ما هو إلا دليل على بعد النظر، وثاقب البصيرة لدى جلالته ، حيث الوطن وأبنائه في سلم أولوياته وفي هرم اعتباراته، يحتلون الحيز الأكبر من مساحات تفكيره واهتمامه.
وبنظرة متفحصة لما وجه إليه جلالته نجد المعالم التي يعبر بها الأردن الطريق المحفوف بالمهددات والصعوبات، والتي أبدع في رسمها ووصفها، موضحا ما يتوجب علينا عمله في إطار الحرص على أمن الوطن واستقراره، مترفعين عن صغائر الأمور، مدركين لخطورة الوضع، ولعظم المسؤوليات، مؤكدا على ممارسة المواطنة الصحيحة الفاعلة ، والمشاركة البناءة في القضايا الوطنية، والإحساس بالمسؤولية لأن هذا يعد أحد أهم مصادر منعة الاردن، وصلابة وقوة جبهته الداخلية.
نعم والف نعم لما قاله جلالة الملك، انها مواقع للتراشق والتلاسن الاجتماعي، فيها مارس البعض خبثه وحقده، وبث سمومه، مبتعدا عن قيم وأخلاق الاردنيين، ووجد فيها البعض ضالتهم للإساءة للآخرين والتنمر عليهم ، واصدار احكام بلهاء على محتويات لم يفهموا مضامينها، اغتابوا واغتالوا ، وراحوا يعظمون السلبيات وينتقصون من الايجابيات، يشككون وينكرون الإنجازات وعوامل النجاح، يجلدون الذات، ويسعون الى اثارة الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونشر الشائعات والترويج لأفكار ضالة مضللة، ويتنكرون بأسماء وحسابات وهمية واحيانا حقيقية للإساءة للآخرين وللوطن، ويشككون بانتماء أبنائه واخلاصهم وولائهم لوطنهم ولقيادتهم، بعضهم من اصحاب القلوب المملوءة بالحقد والكراهية، يمارسون الدور عن سابق إصرار وتعمد ، المحرك لهم اجندات خبيثة يسعون إلى تمريرها والترويج لها، ويصبون الزيت على النار بدلا من السعي إلى اطفائها، وهم الناكرون لجميل وطنهم، المنكرون لفضله، والبعض لا يعون ما يقولونه، وبين اولئك وهؤلاء الغالبة العظمى من مستخدمي هذه المواقع الذين يترفعون عن تحريف الكلام عن مواضعه، ويتقون الله فيما يطرحون من آراء وتعليقات، وترتفع عندهم درجة الخوف من الله ، ودرجة الاحساس بالمسؤولية، وهم الكرام البررة بوطنهم واهلهم، وتأبى اخلاقهم وتربيتهم الا ان ينطقون بالطيب من الكلام.
كلام جلالة الملك كبير في معناه، عظيم في محتواه، خطير في مضمونه، وهو وضع للنقاط على الحروف في وقت بات فيه من الضروري العمل بجدية لوقف هذا السيل من الكلام الجارف الذي يهدم ولا يبني، يؤخر ولا يقدم، يجرح ولا يصحح، ويؤجج نار الفتنة والفرقة بدلا من اطفائها، ويلحق الضرر البالغ بمنظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وهذا يستدعي كما أكد جلالته العمل على تطوير التشريعات الوطنية ذات العلاقة، وضرورة الالتزام بالضوابط الاخلاقية والقانونية لعمل الاعلام.
وبالنظر إلى القوانين الناظمة لعمل الاعلام في الاردن نجد أن هناك تعدد كبير لهذه التشريعات، وبالإمكان رصد اكثر من خمسة عشرة تشريعا، وبعضها لم يعد مواكبا لثورة الاتصالات والمعلومات، مما يستدعي توحيد هذه التشريعات التي تشكل مضلات يعمل الإعلام في ظلها، وبالإضافة إلى الضوابط القانونية يجب العمل على تفعيل الضوابط الأخرى الأخلاقية والدينية والمهنية التي تلعب دورا مهما في ضبط مخرجات وسائل الإعلام، وضرورة التحرك على الصعيد التوعوي الذي يمكن لمؤسسات الدولة الرسمية والأهلية أن تقوم به من خلال سلسلة من الحملات والبرامج واللقاءات والحوارات والأنشطة المختلفة للحد من الآثار الهدامة للإعلام المعاصر، ولكي يكون بوسع وسائل الإعلام أن توفر مساحات تمنح الامل لمستقبل أفضل للوطن، ولمستقبل اجياله القادمة.