متأملينَ في حياة السيد المسيح نجد حياتَه بطبيعته البشرية تحملُ سماتَ الألمِ والحزنِ البكاءِ والدموعِ، وهذه كلُّها سماتٌ بشرية تشترك فيها البشرية جمعاء. فليسَت الحياةُ كلُّها تسير على وتيرة واحدة، فمع أننا مدعويين للفرح وللسعادة إلا أنَّ هذه السمات البشرية هي جزء لا يتجزأ من حياتنا، ولذلك نحن مدعويين لأن نشعر مع الآخرين في غمرة آلامهم وأحزانهم وعند بكائهم وذرفهم للدموع، وأنْ نعملَ على تخفيفها وتقديم التعزية المناسبة لهم..
وإذا ما ألقينا نظرة واسعة على العالم من حولنا لوجدنا الدموع والأحزان في كلّ مكان. وكثير منها كانت بسبب أخطاء الآخرين وتقصيرهم، أو إهمالهم، أو حقدهم وجشعهم. فعالمُنا يأكل فيه القوي الضعيف ويستعبد فيه الكبير الصغير ويتجبر فيه الرئيس بالمرؤس، متسبباً بذلك في آلامٍ كثيرة. فعالمُنا هو بغنىً عنها لو سلك الإنسان بمخافة الله وطاعته.
ورسالتنا السامية في الحياة أنْ نساهمَ في تخفيف آلام الناس وأحزانهم، وإنصافهم وتحقيق العدالة التي يَصبون إليها. نظرةً سريعةً إلى عالمنا تُرينا المشهد الحقيقي حيث هناك التمييز العنصري والتمييز الجندري والتمييز الطبقي والتمييز الإجتماعي، فتشكِّلَ هذه كلُّها مجتمعةً أو منفردةً أسباباً لآلام الناس وأحزانهم ودموعهم.
وفوق كل شيء، علينا أن نرفع الدعاء لله عزّ وجلّ، ساكبين آلامنا ودموعنا أمام عرشه السماوي، وكما يقول المثل " الشكوى لغير الله مذلة"، فالله يسمع لصلاتنا ولا يرذل دعاءنا، فهو يسمعُ لنا لأجل تقوانا، فهو قريب من المنكسري القلوب ويخلص المنسحقين بالروح.
وأما صبرنا فهو مفتاح فَرَجِنَا، وهذا الصبر يعني قبولَ واقعنا الآليم كما هو، ومواجهته بالصبر والإيمان، فهل سَمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب أي قصد الله؟ ( يع 11:5). فإذ تكمَّل صبرُنَا فينا سَمَحْنَا لله أنْ يسمعَ صوتَنا ويُخلّصّنا ويحقِّقَ قصدَه فينا.