يتميز العجين المخمر بسهولة تحضيره وتوفر مكوناته، فأنت لست مضطراً للذهاب بعيداً للبحث عن المكونات لخبزها، ولا يتعين عليك أن تكون طاهي معجنات محترفاً لتتقن ذلك. إلا أن هناك فوائد أخرى غير سهولة التحضير والمذاق اللذيذ، فقد كشف أحد خبراء التغذية الرائدين في العالم، أن بعض المناطق التي يعيش فيها الناس أطول فترة ممكنة (المناطق الزرقاء)، كان لخبز العجين المخمر دور في ذلك لبعض فوائده المهمة جداً في تعزيز طول العمر، بحسب ما ورد في تقرير نشره موقع Well + Good.
وأوضح أن خبز العجين المخمر يستهلك في تلك المناطق في كل وجبة تقريباً، وعلى سبيل المثال منطقة إيكاريا اليونانية، وهي واحدة من المناطق الزرقاء. كذلك، بيّن عدد من خبراء التغذية كيف يلعب هذا الخبز دوراً في الوصول إلى الشيخوخة الصحية، نلخصه في النقاط الآتية.
ميكروبيوم الأمعاء يعد العجين المخمر مصدراً جيداً للكربوهيدرات، وبالتالي فهو مصدر طاقة متاح بسهولة. وللحصول على النسخة الأكثر ثراءً بالمغذيات، ينصح الخبراء بالحصول على عجينة القمح الكامل، التي تحتوي على ألياف وبروتينات معززة للطاقة أكثر من الدقيق الأبيض المكرر. كما أن العجين المخمر يعد فريداً حقاً بين كافة أنواع الخبز الأخرى لأنه يعتبر طعاماً مخمراً، مما يعني أنه غني بالبروبيوتيك (المعروف أيضاً باسم بكتيريا الأمعاء الجيدة) التي تنتج أثناء عملية التخمير. وأظهرت الدراسات أن الأطعمة المخمرة مثل العجين المخمر يمكن أن تساعد في مكافحة الالتهاب وتقوية جهاز المناعة، وكلاهما جزء مهم من الشيخوخة الصحية. كذلك، تعتبر الأطعمة المخمرة رائعة للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتعزيز صحة الأمعاء والجهاز التنفسي بشكل عام، إلى جانب تقليل مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب. بدورها، قالت البروفيسورة جنان بنا، استشارية التغذية إن "الدور الذي تلعبه بكتيريا الأمعاء المتوازنة جيداً في صحة الإنسان هو دور واسع النطاق”. وأضافت أن تناول المزيد من الأطعمة المخمرة يساعد الجهاز الهضمي على امتصاص الفيتامينات الأساسية والعناصر الغذائية الأخرى، ويقوي الاستجابة المناعية للجسم، كما يوفر الحماية من مسببات الأمراض الضارة. إلى ذلك، أكدت الأبحاث العلمية أن العجين المخمر يمكن أن يبطئ هضم النشا بشكل فعال مقارنة بأشكال الخبز غير المخمرة الأخرى، مما يؤدي إلى استجابة أقل لنسبة السكر في الدم وبالتالي زيادة استقرار نسبة السكر في الدم.
تعزيز الحالة المزاجية في موازاة ذلك، كشفت نتائج بحث، نُشر في دورية Integrative Medicine: A Clinician’s Journal، أن الجهاز الهضمي يمتلك بالفعل "دماغًا” خاصاً به يُعرف باسم الجهاز العصبي المعوي ENS. فقد وجد الباحثون أن ENS يتواصل مع الجهاز العصبي المركزي CNS، الذي يعد الدماغ جزءًا منه، للتأثير على الحالة المزاجية والإدراك والصحة النفسية. كما يرتبط الاتصال بين القناة الهضمية والدماغ أيضًا عن طريق الهرمونات والجهاز المناعي. ونظراً لأن القناة الهضمية تنتج معظم السيروتونين في الجسم، فقد تم ربط الأطعمة الصديقة للأمعاء (بما يشمل الأطعمة المخمرة مثل الكيمتشي والزبادي اليوناني والعجين المخمر) بتحسين الحالة المزاجية بل ومكافحة أعراض الاكتئاب والتوتر.
قوة العظام وفي جزيرة سردينيا، واحدة من مناطق العالم الزرقاء أيضاً، اكتشف بوتنر أن الأشخاص الأكبر سناً يعانون من كسور عظام أقل بنسبة 50% عن كسور العظام في المناطق الإيطالية الأخرى. ولأن الحفاظ على قوة العظام هو جزء أساسي من طول العمر، إذ تبين أن الحصول على جرعة يومية من المعادن مثل المغنيسيوم، الذي يساعد في تنظيم الكالسيوم في الدم، ويمثل عنصرًا غذائيًا حيويًا لقوة العظام. من جهتها، أضافت بروفيسور بنا أنه "عندما تستهلك الأطعمة المخمرة، يصبح من الأسهل على الجهاز الهضمي امتصاص المعادن المهمة مثل الزنك والمغنيسيوم والحديد التي تعتبر أساسية للحفاظ على صحة العظام مع التقدم في العمر، بسبب تكسير الفيتات، أي تكسير حمض الفيتك، الذي يُضعف "امتصاص المعادن” في الجسم. وأشارت الدراسات إلى أن التوافر الحيوي لامتصاص المعادن يزداد بعد تناول خبز العجين المخمر على وجه التحديد. كما، أضافت أن الأمر نفسه ينطبق على التوافر البيولوجي لفيتامينات B، حيث "ثبت أن تخمير العجين يزيد من محتوى حمض الفوليك في عملية خبز القمح وعجين الجاودار. ويؤدي التخمير إلى إثراء محتوى الريبوفلافين. ولكن في كلا الحالتين يبقى هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول العجين المخمر.”
77 درجة مئوية ويمكن أن يلعب الخبز المخمر بالتأكيد دورا في طول العمر. ولكن، بالنسبة إلى وجهة نظر بروفيسورة بنا، يجب أن يوضع في الاعتبار أنه ليست كل أنواع الخبز المخمر متساوية، وإنما تحدد جودة المنتج بحسب نوع الحبوب المستخدمة في كل نوع ومدى تأثيرها على التكوين الغذائي العام بالإضافة إلى النكهات المضافة. كذلك، يبقى أخيراً أن خبراء التغذية يؤكدون على أهمية استخدام دقيق القمح الكامل وأن درجة الحرارة المثالية، التي يتخمر فيها الرغيف تكون 77 درجة لكي يمنح الإنزيمات المعززة للأمعاء.