المواطنة الصالحة والقيم الإيجابية.. بقلم محمد محسن عبيدات
تقاس
المجتمعات الراقية والمتقدمة في مختلف دول العالم، بوجود مواطنة صالحة قادرة على
حمل القيم الإيجابية وتعزيز الثوابت الوطنية وتقديم المصلحة العامة على المصلحة
الشخصية، والانتماء الصادق للبيئة المحيطة، بكل أمانة ومسؤولية وإخلاص.
المواطنة
الصالحة هي صفة تطلق على العلاقة بين الوطن والمواطن، تتضمن الحقوق والواجبات
المطلوبة من المواطن تجاه وطنه، والمواطنة الصالحة هي ثمرة القيم الإيجابية
والوطنية والدينية والأخلاقية والإنسانية التي يطبقها المواطن، فحامل هذه القيم هو
ناشر للعلم والمعرفة والخير والفضيلة والمحبة والأخلاق العالية والرفيعة، وصانع
للأمل وباعث للتفاؤل، ويجسد ذلك من خلال الفعل الملموس على أرض الواقع بالكلمة
الطيبة وبالنصيحة الصادقة، والهادفة، والعمل الجاد، والدؤوب.
المواطنة
الصالحة هي ثمرة محبة للمجتمع، وممارسة حقيقية وفعالة على أرض الواقع في مختلف
مناحي الحياة، ومن الصور الحضارية والمشرقة للمواطنة الصالحة للفرد: تعزيز محبة الوطن في نفوس أبناء المجتمع ، ورفع
شأن الوطن وتنميته وازدهاره وتطبيق كافة الأنظمة والتعليمات والقوانين التي
تنظم الحياة العامة وتستهدف أمن وسلامة المجتمعات، والمواطنة الصالحة للأسرة تتمثل
في تربية الأبناء تربية صالحة والمحافظة على صحتهم وسلامتهم، وحثهم على التعليم
ليكونوا على قدر عالٍ من العلم والمعرفة، أفرادًا منتجين ومتعلمين ومثقفين وفعالين
و صالحين في مجتمعهم وعلى قدر عالٍ من الأمانة والمسؤولية والانتماء والولاء للوطن والقيادة والأمة.
والأسرة الصالحة هي عماد المجتمعات المتحضرة والعمود الفقري للمواطنة الصالحة فإذا
صلحت الأسرة صلح المجتمع كلّه.
المواطنة
الصالحة تجاه الحياة العامة، يظهر ذلك من
احترام رجال الأمن العام وموظفي الدولة وتقدير جهودهم وشكرهم، وعدم التعدي
عليهم واستفزازهم وعدم التقليل من حجم
إنجازاتهم، وعدم إطلاق العيارات والألعاب النارية ومكبرات الصوت الثابتة والمتنقلة
من خلال الباعة الجوالة والتقيد بقواعد السير والابتعاد عن الوساطة والمحسوبية
والإشاعة والتنمر والألفاظ البذيئة وتشويه صورة الوطن، وفي ما يتعلق بالممتلكات
العامة والأماكن العامة المحافظة على محتوياتها وديمومتها، وعدم العبث بالمواد والمقتنيات الموجودة بها، والمحافظة عليها
كما لو أنّ ملكيتها تعود للمواطن شخصيًا.
أما
المواطنة الصالحة للفرد تجاه العمل بمؤسسته فتتثمل في القيام بالواجبات والأعمال
الموكلة إليه في مؤسسته بكل أمانة ومسؤولية وإخلاص، واستثمار أوقات الدوام الرسمي
في الإنتاج والتنمية والإبداع والتميز، وبذل أقصى الجهود في تحسين الخدمة وتطويرها
بما ينعكس إيجابيًا على مصلحة المواطن والمصلحة العامة.
أهم ما
يميز المواطنة الصالحة هو تعزيز مفاهيم القيم الإيجابية وأهمها: التسامح والتعايش
السلمي المشترك مع الآخرين والمحبة
والاعتدال، وتقبل الاختلاف في الفكر والموقف ووجهات النظر، وتقبل الحوار والاختلاف
بين الثقافات والحضارات والأديان، والتعاون المشترك في كافة المجالات ، وتبادل
الخبرات والمعارف والدراسات واحترام الرأي والرأي الآخر، واحترام حقوق الإنسان،
وكذلك العمل على نبذ ومحاربة القيم
السلبية من الشائعات و مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة ،وآفة المخدرات والتدخين،
والطائفية، والتناحر ،والتنمر، والعنف
الأسري والمجتمعي، والعنف اللفظي والجسدي، والانحرافات في الأقوال والأفعال،
والقضاء على الانقسامات السياسية والاقتصادية والثقافية.
المواطنة
الصالحة هي مسؤولية الجميع، كل حسب ثقافته ومهنته ومقدرته، فالعالم بعلمه، والكاتب
بقلمه، والغني بماله وهكذا، وهذا هو مفهوم التكاملية للوصول إلى التعاون والتشارك
في خدمة الشأن العام، والارتقاء بالأوطان ليعم الخير في المجتمع ويسود الأمن
والأمان والتنمية الشاملة المجتمعات، لتصبح عنوانًا للتقدم والرقي، والحضارة، والنهضة،
والبناء.