مدينة بورتسودان باتت تشكل مقرا بديلا للحكومة السودانية منذ الأسابيع الأولى لاندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما انتقلت إليها بعض البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية. فما أهمية المدينة في الخريطة السودانية؟.
بورتسودان مدينة ساحلية تقع شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر على ارتفاع مترين (6.6 قدم) فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة 675 كيلومتر ( 419 ميل ).
وهي الميناء البحري الرئيسي في السودان وحاضرة ولاية البحر الأحمر السودانية. يصل تعداد السكان فيها إلى 579,942 نسمة (تقديرات عام 2011 م).
وهي واحدة من المدن الكبيرة بالسودان وبمنطقة البحر الأحمر، وتعتبر البوابة الشرقية للسودان.
تعرف بورتسودان قبل قيام الحكم الثنائي ببناء ميناء بحري حديث فيها باسم مرسى الشيخ برغوت، وبعد الانتهاء من بناء الميناء تم تغيير الاسم إلى بورتسودان، وهو لفظ إنجليزي «Port Sudan» بمعنى ميناء السودان وتكتب بالحروف العربية بورتسودان (بوصل حرف التاء بحرف السين) وتنطق بُورسودان بإغفال التاء.
وتجيء التسمية في تناسق مع أسماء غيرها من العديد من المدن المصرية في المنطقة مثل بورسعيد وبور فؤاد وبور توفيق وبعض مدن المستعمرات البريطانية السابقة بورت هاركورت (نيجيريا) وبورت إيلزابيث (جنوب أفريقيا).
تُلّقب بورتسودان ببوابة الشرق وثغر السودان الباسم ودرة البحر الأحمر.
بدأ تطوير بورتسودان كمدينة حديثة في وقت مبكر من القرن العشرين، في حين يرجع تاريخ إنشاء المدينة كميناء في موقع محمي إلى فترات زمنية أبعد بكثير. ففي أطلس بطليموس الجغرافي (100-175) ق. م ظهرت المدينة باسم ثيو سيتيرون.
وقدم الملاح البرتغالي خوان دي كاسترو في سنة 1540 م، وصفا جميلاً لها تحت اسم تراديت الواقعة شمال سواكن. والتي ارتبطت باسم الفقيه الإسلامي الشيخ برغوت (أو بارود).
والذي كان مدفوناً في قبة (ضريح) يزورها البحارة والصيادين.
وكان المكان كله معروفا أيضا لقرون طويلة باسم مرسى الشيخ برغوت تبركاً بهذا الرجل الصالح .
الحكم الثنائي
تقرر في عام 1900 م، وتحت رعاية اللورد كرومر، أول قنصل عام بريطاني في مصر، توسيع المكان وتحويله إلى ميناء بحري حديث، وتغيير الاسم إلى بورت سودان Port Sudan - بورتسودان- ، أي ميناء السودان. وفي 10 يوليو / تموز 1905 م، تمت مصادرة الأراضي المحيطة بضريح الشيخ برغوث في دائرة نصف قطرها 16 كيلومتر وإعلانها أراض مملوكة للدولة يمكن إنشاء المؤسسات العامة عليها، وتم التوسع في تلك المساحة مرات عديدة بغرض إنشاء الميناء الجديد.
كان قرار الإنجليز في بناء ميناء بحري جديد ليحل محل ميناء سواكن مرده رغبتهم في أن يكون لهم ميناء تحت السيادة البريطانية المصرية المشتركة بدلاً عن سواكن التي كانت تخضع رسمياً لحكم الخديوي وليس للحكم الثنائي، إلا أن السبب المباشر يكمن في عدم صلاحية ميناء سواكن لإستقبال البوارج والسفن الحديثة بسبب الشعاب المرجانية الكثيرة فيه والتي تعيق إبحار تلك السفن أو رسوها، على خلاف مرسى الشيخ برغوت الواقع على خليج طبيعي ممتاز خال من تلك المعوقات وفي منتصف الساحل السوداني تقريباً، فضلاً عن توفر مصدر لمياه الشرب يقع على بعد 18 ميلاً فقط منه وهو خور أربعات. وكان الحصول على مياه الشرب في باديء الأمر يعتمد على تكثيف مياه البحر لإزالة الملوحة قبل القيام في 1925 م بتوصيل خط أنابيب مياه من خور أربعات.
بدأ الإنجليز في بناء المدينة بتأمين ربطها بمناطق الداخل في السودان من خلال خط للسكة الحديدية تم افتتاحه في عام 1906 م، ويتجه غرباً عبر الصحراء ليربط الميناء بمدينة عطبرة في شمال السودان، حيث يمر خط القادم من وادي حلفا والمتجه نحو الخرطوم.
وتم أيضاً مد الخط جنوباً إلى سواكن على بعد 60 كيلومتراً والتي تقرر التخلي عنها كميناء بمجرد الانتهاء من تشييد بورتسودان. كما تم بناء منشآت ومرافق الشحن والتفريغ، بما في ذلك الرافعات الكهربائية.
كان الوصول إلى الميناء يتم من خلال خليج طبيعي بمسافة خمس كيلومترات نحو البر ويضيق البحر كلما اتجه المرء نحو الداخل حتى نقطة أرضية حيث تقع أرصفة ميناء الحاويات.
ويتالف الميناء من سلسلة من القنوات والأحواض الطبيعية أكبرها طوله 900 ياردة (6 كيلومتر) وعرضه 500 ياردة (2.5 كيلومتر) ولا يقل عمقه عن 6 قامات.
إفتتاح الميناء
تم افتتاح الميناء أمام التجارة الدولية في احتفال رسمي في 4 ابريل / نيسان 1909 م، حضره خديوي مصر عباس حلمي الثاني واللورد كرومر القنصل البريطاني في مصر وصاحب المبادرة ببناء الميناء وتم تثبيت هذا الحدث في لوحة برونزية تذكارية وضعت على جدران مخزن (4) بالرصيف الشمالي للميناء شهدت المدينة نمواً سريعاً خاصة في مطلع خمسينيات القرن الماضي حيث تم تشييد المخازن داخل الميناء وخارجه وظهرت مدينة حديثة تخللها الشوارع الواسعة والأحياء المختلفة.
شملت أول الواردات الأقمشة القطنية من الهند، والخشب والأسمنت.
في حين تمثلت الصادرات آنذاك في الصمغ العربي والقطن والدخن، والسمسم وجلود الحيوانات والبن من الحبشة.
وكان عدد سكان بورتسودان آنذاك حوالي 4289 نسمة.
اكتسبت بورتسودان أهمية استراتيجية كبرى إبّان الحرب العالمية الثانية. ففي ربيع عام 1941 م، ألحق البريطانيون هزيمة ساحقة بسفن حربية إيطالية خلال معركة بحرية قبالة الساحل السوداني، فضلاً عن استخدام مينائها القريب من الجبهة الإيطالية في إريتريا في نقل الجنود والعتاد والتموين.
التاريخ المعاصر
بعد استقلال السودان في عام 1956 حافظت المدينة على دورها كميناء رئيسي للبلاد ومقراً للإسطول التجاري والعسكري السوداني كما اقيمت فيها بعض الصناعات كصناعة الإطارات، ومطاحن الدقيق ومصفاة لتكرير النفط في عام 1964 إلى جانب صوامع للغلال.
تقع المدينة على هضبة ساحلية تنحدر من جهة الغرب نحو الشرق عرضها 60 كيلومتراً تقريباً، وتتكون من صخور رسوبية سطحية في الجزء الشرقي وكثبان رملية ثابتة في الغرب والجنوب الغربي وشعاب مرجانية تتخللها مجاري في شكل أودية وخيران تتدرج من التلال في غرب المدينة نحو ساحل البحر، وأهمها خور موج وخور كلاب اللذان يمتلآن بالمياه في موسم الأمطار ويصبان في البحر.
وتعتمد بورتسودان على وادي أربعات كمصدر رئيسي لمياه الشرب فيها.
وهناك خليج طبيعي طوله حوالي 6 كيلومترات وعرضه 2 كيلومتر ونصف، يفصل المدينة إلى جزئين شرقي وغربي، وهو الذي يقوم عليه المينا، بينما يجري خور موج الذي يصب فيه من غربي المدينة نحو جنوبها.
والغطاء النباتي في المنطقة يتكون من نباتات شوكية متفرقة.
يسود المدينة مناخ البحر الأبيض المتوسط المعروف بحرارة وجفاف صيفه وبرود ة الشتاء المطير، إلا أن تأثير هذا المناخ لا يمتد كثيراً نحو الداخل إذ يقتصر على السهل الساحلي الذي تقع فيه المدينة ويتميز فضلاً عن ذلك بارتفاع درجة الرطوبة أثناء الصيف.
يمكن أن تتجاوز درجة الحرارة في بورتسودان في الشتاء 30 درجة مئوية وفي الصيف 45 درجة مئوية. ويبلغ متوسط درجة الحرارة في السنة 28.4 درجة مئوية (أي ما يعادل 83.1 درجة فهرنهايت) وتبلغ عدد الساعات المشمسة في السنة 3200 ساعة.
تهطل معظم الأمطار في الفترة ما بين أكتوبر / تشرين الأول ويناير / كانون الثاني وبالتحديد في نوفمبر / تشرين الثاني ويبلغ متوسط معدل هطول الأمطار السنوي 76 مليمتر تقريباً بسبب الرياح التجارية الشمالية الشرقية التي تمر في تلك الفترة عبر البحر الأحمر.
بورتسودان مدينة بحرية يوجد فيه أكبر مرفأ بحري سوداني وهي الميناء الرئيسي للسودان بل تعتبر منفذا بحرياً مهماً لبلدان أخرى مغلقة في المنطقة مثل إثيوبيا وتشاد ودولة جنوب السودان.
المركز الإستراتيجي للمدينة جعل منها قطباً تجارياً مهماً يحتضن العديد من الفروع أو المراكز الرئيسية لمؤسسات تجارية وطنية أو دولية كالمصارف وشركات التصدير والاستيراد وصناديق التأمينات والائتمانات ومكاتب التخليص الجمركي. وتستقبل بورتسودان السفن التجارية الكبرى بما فيها سفن الحاويات وناقلات النفط وبها أيضاً مصفاة للنفط ومحطة نهائية لخطوط أنابيب النفط من السودان وجنوب السودان، حيث يوجد ميناء بشاير لتصدير النفط.
توجد في المدينة مخازن وصوامع للغلال. وهي أيضاً مقراً لسفن شركات النقل البحري السوداني، وهيئة الموانيء البحرية السودانية. وتوجد فيها أيضاً سوقاً حرة، وهذا يعني ان قطاع الخدمات هو أهم القطاعات الاقتصادية في المدينة. من الأنشطة الاقتصادية الأخرى ببورتسودان السياحة إلى جانب انشطة الصيد البحري والرعي.
تسود الصناعة الخفيفة بورتسودان ويتمثل أهمها في صناعة الملح، ومصانع تعبئة الأسمنت ومطاحن الدقيق.
تشمل الوارادت التي تدخل ميناء بورتسودان الآلات والمعدات والمركبات والوقود ومواد البناء والتشييد، أما الصادرات الخارجة منها فتشمل القطن والصمغ العربي والحبوب الزيتية وجلود الحيوانات.
بدأت أول مصفاة للنفط في السودان العمل في بورتسودان في عام 1964 م، وكانت تملكها شركة شل الملكية الهولندية وشركة بريتش بتروليوم البريطانية (فرع السودان) بطاقة قدرها 20 الف برميل نفط يومياً تم رفعها إلى 25 الف برميل يومياً في مطلع سبعينيات القرن الماضي وفي عام 1981 م، تم تاسيس شركة النيل الأبيض التي كانت تضم كل من الحكومة الهولندية وشركة شيفرون الأمريكية وشل الملكية الهولندية وشركة أبيكورب لبناء خط أنابيب لنقل خام النفط من هجليج عبر كوستي إلى محطة نهائية في بورتسودان، إلا أنه تم التوقف عن المشروع في عام 1984 م، لأسباب أمنية في جنوب السودان، ليتم استئنافه في عام 1990 م، ويتم الفراغ منه في عام 1999 م. وفي أغسطس / آب 1999 م، ووصول أول شحنة نفطية عبر الأنانبيب إلى ميناء بشائر الواقع على بعد 25 كيلومتر جنوب بورتسودان ليصدر إلى سنغافورة.
المصارف العاملة في بورتسودان
بنك السودان المركزي
بنك الخرطوم
البنك الزراعي السوداني
بنك أم درمان الوطني
بنك فيصل الإسلامي السوداني
بنك بركة السوداني
بنك النيل
بنك تنمية الصادرات
بنك العمال الوطني
بنك التضامن الإسلامي
البنك السعودي السوداني
بنك الشمال الإسلامي
بنك الإدخار والتنمية الاجتماعية
بنك الثروة الحيوانية
بنك النيلين
البنك الأهلي السوداني
البنك الفرنسي السوداني
البنك العقاري
البنك الإسلامي السودني
البنك الزراعي السوداني
بنك النيل الأزرق (المشرق)
بنك التنمية الصناعية
البنك المصري السوداني
مصرف المزارع التجاري
بنك الجزيرة الأردني السوداني
بنك الرواد للتنمية
بنك الأسرة.
هناك سبعة موانئ بحرية في بورتسودان:
الميناءالشمالي ويختص بمناولة البضائع العامة والزيوت والمولاص وصادرات المواشى والسلع المصبوبة والمحاصيل مثل الأسمنت والقمح والسماد.
الميناء الجنوبي ويختص بمناولة الحاويات والغلال.
الميناء الأخضر لبضائع الصب الجاف والبضائع العامة.
ميناء الخير داما داما، وهو خاص بمناولة المشتقات البترولية.
ميناء الأمير عثمان دقنة مخصص لحركة بواخر الركاب والأمتعة الشخصية.
ميناء العربات وبواخر المواشي والبضائع العامة.
ميناء أوسيف لتصدير خام الحديد والمعادن.
في ديسمبر / كانون الأول 2011 م، تم افتتاح ميناء جديد للحاويات في بورتسودان يسع لإستقبال أربع سفن حتي حمولة 100 الف طن بما فيها السفن العملاقة العابرة للمحيطات بمعدل 80 ألف حاوية في اليوم لترتفع سعة الموانئ في مجال الحاويات إلى 1300,000 (مليون وثلاثمائة ألف)حاوية في العام منها خمسمائة (500) الف تمثل احتياجات السودان، مما يعني أن الميناء الجديد سيخدم الدول المجاورة للسودان والتي ليس لها منافذ بحرية مثل تشاد، جمهورية أفريقيا الوسطى، دولة جنوب السودان وإثيوبيا.
ويعتبر الميناء الشمالي بمثابة الميناء الرئيسي ويقع في الناحية الشمالية حيث توجدالمخازن وإدارة الجمارك ورئاسة السكك الحديدية وإدارة المنائر والرافعات الآلية الضخمة وأرصفة مناولة البضائع.
وأطول رصيف فيه هو الرصيف الشمالي الذي يبلغ طوله 2280 قدما وبه خمسة مرابط للسفن، الأول ويسع لخمس سفن متوسط طول الواحدة منها 456 قدم (138.98 متر) في غاطس عمقه 38 قدم (11.58 متر).
وتقوم بعمليات الشحن والتفريغ فيه رافعات كهربائية تتراوح طاقة حمولتها ما بين ثلاثة وخمسة أطنان.
وفي عام 1957 م، تم بناء رصيف جديد يتسع لثلاثة مرابط ضافية.