كتب رامي سند العقيل
في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتتصاعد فيه التحديات الإدارية والإنسانية على حد سواء، يبرز اسم الدكتور علي الجبر كأحد أبرز الرموز الفكرية التي جمعت بين الفكر الإنساني العميق والعلم الإداري الحديث. فهو ليس مجرد مدرب دولي معتمد أو أكاديمي تقليدي، بل هو قائد فكري وإنساني حمل على عاتقه رسالة سامية: "بناء الإنسان قبل المكان”.
القيادة بالحب.. فلسفة جديدة في عالم الإدارة
لم يكن كتابه الشهير "القيادة بالحب" مجرد مؤلف إداري آخر، بل شكل نقلة نوعية في التفكير القيادي المعاصر. فقد قدّم الدكتور الجبر من خلاله نموذجًا فريدًا يدمج المشاعر الإيجابية بالقوة الإدارية، مؤكدًا أن الحب ليس ضعفًا في القيادة، بل قوة خفية قادرة على تحريك الطاقات وبناء الولاء وتحقيق التميز.
يرى الدكتور علي أن القائد الحقيقي ليس من يفرض سلطته، بل من يُلهم الآخرين ويُخرج أفضل ما فيهم. ومن هنا، صاغ مفهومه مع الخاص للقيادة، التي لا تُدار بالعصا أو الأوامر، وإنما بالتفاهم، والاحترام، والمودة، والتأثير الإنساني العميق.
بين الفكر الإنساني والتطبيق العملي
على مدار سنوات من التدريب والإشراف والتأهيل، درّب الدكتور الجبر آلاف الأفراد والمؤسسات في الوطن العربي وخارجه، واضعًا بصمته المميزة في مجالات التطوير المؤسسي والقيادة التحويلية وإدارة التغيير.
وتقوم برامجه التدريبية على التكامل بين العقل والقلب، إذ يؤمن أن أي تطوير حقيقي يبدأ من الداخل، من الإنسان ذاته، من قيمه ودوافعه ومشاعره قبل مهاراته الإدارية.
كما يُعرف الدكتور علي بأسلوبه التفاعلي الجذاب، الذي يمزج بين القصص الواقعية، والأمثلة الملهمة، والتجارب الشخصية، مما يجعل تأثيره ممتدًا وعميقًا في نفوس المتدربين والمستمعين على حد سواء.
رسالة سامية.. الإنسان أولًا
في كل ما يقدمه، يظل الدكتور علي الجبر ثابتًا على رؤيته الجوهرية:
"الإنسان أولًا… ثم يأتي كل شيء بعده."
بهذه العبارة، يلخص الدكتور فلسفته الحياتية والإدارية، مؤكدًا أن المنظمة الناجحة هي التي تضع الإنسان في قلب استراتيجيتها، وأن التقدم المادي دون تطور إنساني يظل منقوصًا.
فهو يرى أن المؤسسات لا تنجح بالأنظمة وحدها، بل بالمحبة، والاحترام، والإيمان بقدرات الأفراد الذين يقفون وراءها.
إلهام يتجاوز القاعات التدريبية
لم يتوقف تأثير الدكتور الجبر عند حدود القاعات التدريبية أو المحاضرات الأكاديمية، بل امتد إلى فضاء واسع من الإلهام الإنساني والاجتماعي. فقد أصبح قدوة لكثير من الشباب والقيادات الذين وجدوا في تجربته نموذجًا للقائد المتوازن بين العقل والعاطفة، بين العلم والقيم، بين الصرامة والرحمة.
ولعل سرّ نجاحه يكمن في صدقه وعمق إيمانه برسالته، إذ لا يتحدث عن القيادة بالحب كشعار، بل كمنهج حياة يعيشه ويمارسه في كل تعاملاته، سواء مع طلابه أو زملائه أو جمهوره من الباحثين عن التغيير الحقيقي.
رؤية نحو مستقبل إنساني قيادي
في عالمٍ يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يذكّرنا الدكتور علي الجبر بأن الذكاء الإنساني والعاطفي لا يمكن استبداله. فالقائد، في نظره، ليس آلة تُصدر أوامر، بل روح تُلهم، وعقل يُوجّه، وقلب يُحب.
ومن خلال مشاريعه الفكرية وبرامجه التدريبية، يسعى إلى بناء جيل جديد من القادة الإنسانيين القادرين على الجمع بين الكفاءة المهنية والرحمة الإنسانية، بين الحزم والحب، بين الإدارة والقيم.
خاتمة
يبقى الدكتور علي الجبر نموذجًا للقائد الذي آمن بأن النجاح الحقيقي لا يُقاس بالمناصب، بل بالأثر الذي نتركه في الآخرين. ومن خلال رؤيته المتفردة "الإنسان أولًا"، استطاع أن يصوغ مدرسة جديدة في القيادة والإدارة، مدرسة تؤمن بأن الحب يمكن أن يكون أقوى أدوات التغيير والبناء.
في عالم يتعطش للقدوة والإنسانية، يظل الدكتور علي الجبر أحد أبرز الأصوات التي تدعو إلى إعادة الإنسان إلى مركز القيادة، لتصبح الإدارة رحلة إنسانية قبل أن تكون مهنة.