حمل الإعلامي طارق العاص شغفًا مبكرًا بالكلمة والصوت والصورة. لم تكن رحلة عابرة ولا مصادفة عابرة، بل مسارًا طويلًا صقلته التجارب، وارتقت به محطات عربية وعالمية، ليصبح واحدًا من أبرز الوجوه الإعلامية التي حملت اسم الأردن إلى شاشات المنطقة والعالم.
تلقى طارق العاص تعليمه منذ التمهيدي وحتى الثانوية العامة في مدرسة الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمّان، تلك البيئة التعليمية التي تركت أثرًا واضحًا في شخصيته وانضباطه، وتخرج منها عام 1988.
بعدها، اتجه إلى المملكة المغربية لمتابعة مسيرته الأكاديمية، فنال درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة محمد الخامس في الرباط، ثم واصل دراساته العليا ليحصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة من المدرسة الوطنية للإدارة العمومية في الرباط، واضعًا بذلك قاعدة معرفية صلبة دعمته لاحقًا في عمله الإعلامي وتحليلاته السياسية.
عام 1998 كانت البداية المهنية الحقيقية للعاص في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، وهي المؤسسة التي لطالما وصفها بـ"المدرسة الأم". هناك تنقل بين أدوار متعددة: محرر، مراسل، منتج أخبار، ثم مذيع، متعمقًا في صناعة الخبر من الميدان إلى غرفة الأخبار، ومؤمنًا بأن الإعلام مسؤولية أخلاقية ووطنية قبل أن يكون وظيفة.
كما تلقى خلال تلك السنوات عددًا من الدورات المهمة، من بينها دورات في مركز التدريب الإعلامي في التلفزيون الأردني، وبرنامج الزائر الدولي في الولايات المتحدة، ودورات تدريبية مهنية في لندن وويلز، إضافة إلى تدريب متخصص على كيفية العمل في مناخ الأزمات على يد خبراء بريطانيين.
كانت محطة MBC من أكثر المحطات تأثيرًا في مسيرته. التحق بها خلال مرحلة انتقالها من لندن إلى دبي، وكان من بين الفريق المؤسس الذي ساهم في بناء غرف الأخبار وتطويرها. عمل محررًا ومنتجًا ومعدًا ومذيعًا، وشارك في تغطيات محورية، أبرزها ابتعاثه عام 2003 إلى العراق خلال مرحلة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، في مهمة صحفية معقدة أظهرت مهنيته وشجاعته.
انتقل بعدها إلى لندن ليكون ضمن الفريق الذي أسّس قناة BBC عربي، وهناك تولى أدوارًا بارزة:
منتج أخبار
مذيع رئيسي لبرنامج "للعالم هذا المساء"
مشاركة في برنامج "بلا قيود"
مراسل ميداني في مناطق النزاعات
غطى العاص ملفات صعبة وحساسة، وزار ليبيا ثلاث مرات أثناء الأحداث، كما كان موفدًا لتغطية انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 2009، وانتخابات العراق عام 2010.
وتوّجت خبرته باختياره ضمن فريق تغطية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2008 التي فاز فيها باراك أوباما. كما أشرف على تغطيات إخبارية كبرى، وشارك في تغطية قمم عربية، وأجرى حوارات حصرية مع شخصيات دولية مختلفة.
لاحقًا، انتقل العاص إلى قناة العرب في البحرين، وكان صاحب شرف تقديم أول نشرة إخبارية عند انطلاق القناة. ثم خاض تجربة قصيرة لكنها ثرية في قبرص اليونانية، أضافت بعدًا جديدًا إلى مسيرته الإعلامية.
عاد طارق العاص إلى وطنه ليشارك في تأسيس قناة المملكة، إحدى أهم المؤسسات الإعلامية الحديثة في الأردن. ساهم في اختيار وتدريب المذيعين والصحفيين، ثم تولى تقديم برنامج "العاشرة"، واحد من أبرز البرامج الحوارية الإخبارية، مستضيفًا شخصيات رفيعة من بينها:
دولة الدكتور بشر الخصاونة
دولة جعفر حسان
مسؤولون ومحللون من مختلف القطاعات
حظي العاص بثقة الدولة الأردنية، فكان ضمن الإعلاميين الذين رافقوا جلالة الملك عبدالله الثاني في زيارات رسمية إلى الولايات المتحدة وألمانيا، ناقلًا بصوته وتقاريره نشاطات جلالته ومواقف الأردن بوضوح ومسؤولية.
يفاخر العاص بأسرته، فهو أب لــ سلطان وميرا اللذين أنهيا دراستهما الجامعية في بريطانيا بتخصصات الاقتصاد والقانون وعلم الإجرام، معتبرًا نجاح أبنائه ثمرة توفيق من الله وجهد سنوات طويلة.
ويقول العاص:
"أحمد الله أن مكنني من تحقيق ما وصلت إليه، وأسأله أن أظل قادرًا على تقديم الأفضل لبلدي الحبيب الأردن."
ما زال طارق العاص على رأس عمله، يعمل بعزيمة لا تخبو وشغف لا يهدأ، مؤمنًا بأن الإعلام الأردني قادر على المنافسة عربيًا وعالميًا إذا استند إلى المهنية والمصداقية والالتزام الأخلاقي.
إنها حكاية إعلامي حمل اسم الأردن عبر مؤسسات عربية ودولية مرموقة، ثم عاد ليضع خبرته في خدمة الوطن. طارق العاص… قصة نجاح أردنية تستحق التقدير والتوثيق.