تتعرض الأجيال الى تحديات كبيرة وعميقة قد تحرفها عن الطريق القويم فهي ترزح تحت ضغط الاحباط والظلمة والتطرف وغياب العدالة الاجتماعية، والتغريب الفكري والثقافي وثمة مؤشرات خطيرة واضحة للعيان تقودنا لوضع افتراضات مهمة لتوضيح بانوراما المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لهذا الوضع. تعمل الدول في مختلف انحاء العالم لوضع الأدوات المناسبة وتسعى من خلالها لتنفيذ استراتيجيتها لبناء الأجيال وربطها بمنظومة القيم الإنسانية التي لا يمكن الاختلاف عليها ليبقى قبول الاختلاف في إطاره الطبيعي " الجنس، الدين، اللغة العرق، اللون، الشكل، القدرات المتنوعة، الغنى والفقر" هذه الاختلافات قائمة في كل المجتمعات ويضمن قبولها لدى الجميع القانون الذي يسود ولا يفرق بين الافراد، لاي سبب كان، إضافة الى التربية بأهمية قبول الاختلاف واحترامها. لكن من غير المقبول ان يكون مستقبل الاجيال مسرحاً لإجراء التجارب من قبل جهات تقوم بتنفيذ أجندات مشبوهة خدمة لقضايا لا تمت لقيمنا بصلة، أو حتى تضع الحلول الإصلاحية لها، الا من باب الفذلكة والتذاكي البائس الذي يحاول البعض الترويج له باسم الحرية، والحرية لم تكن تعني في يوم من الأيام الخروج عن القيم الإنسانية السامية التي يشترك فيها الجميع على قاعدة القبول الأخلاقي لهذه التصرفات، وهذا لا يعني انكار وجود انحرافات وامراض اجتماعية ولكن يجب تفويت الفرصة على دعاة الانحلال الأخلاقي تحت مسمى الحرية ومحاولة فرضه على الناس بحجة وجود هذه الممارسات في المجتمع. إن تصوير المجتمع من خلال مجموعة من الفتيان يمارسون المجون هو قمة الخطأ في رسم صورة نمطية للمجتمع، لان الغالبية ترفض هذا السلوك وتستهجنه وتستغربه حتى مع وجود فئات تمارسه. ما يؤلمني ضبابية المشهد وفقدان حالة التوازن في خلق جيل مؤمن بقضايا وطنه وأمته ولديه رؤية واضحة حول التحديات التي تواجهه، وقد فشلت منظومتنا التربوية في تسليط الضوء على هذه الجوانب، وقد يكون السبب حالة الانفلات المؤسسي وعدم خضوع بعضها لسلطة التوجيه والرقابة وقد يكون تصوير فيلم جن في مدينة البترا احدى عجائب الدنيا عائداً لهذا السبب. مستقبل هذا الجيل وحمايته من الضياع وتوضيح الرؤية ورسم خارطة الطريق هو من مسؤولية الدولة بكل مؤسساتها وواجب يمليه الدستور على الحكومة لتشرع بوضع الاستراتيجيات التي تناسب قيمنا وقيم الإنسانية جمعاء لا ان تناسب أصحاب الاجندات ومقاولو تدمير اخلاق الشباب، الباحثين عن ملء جيوبهم دعما من هذه المؤسسات الأجنبية المرفوضة من مجتمعاتها الاصلية. يتعرض هذا الجيل الى امراض عديدة فآفة المخدرات تنهش في جسده غير المحصن والغزو والتغريب الفكري عن قضايانا المهمة تتصدى له الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، كما يعد الافتخار الزائف والانتماء للهوية الفرعية سبباً آخراً لحالة التوهان التي يعيشها هذا الجيل، كما تعتبر حالة التشتت الاسري عامل أساسي في ضياعهن وأخيرا المشهد الإعلامي الخالي من أي مضمون قيمي سوا الابتذال والغنج مما تسبب في تمييع شخصية الشباب وأدى الى قتل روح الإنتاج والعمل وبث الخمول والتكاسل في نفوسهم. اعلم ان المهمة صعبة وقد يكون الاوان قد فات ولكن ان نتبه للتحديات التي يواجهها هذا الجيل قادة المستقبل والامناء على الوطن. ولا بد من العمل فورا دون إبطاء لتحديد الخلل واجتثاثه دون مجاملة او مواربة وتمتين القاعدة النواة الصلبة للمجتمع حتى لا نكون ضحايا اهمالنا وتسويفنا، وان لا يستقوي احد باسم موسسة خارج حدود الوطن او يحتمي بهوية اجنبية. استاذ العلوم السياسية جامعة البترا* ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري* كاتب في الشأن المحلي والاقليمي*