بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو* في العلاقات الدولية وإدارة الصراع كل شيء وارد الحرب الشاملة او المحدودة أو الهجوم بغية الرد على حدث مهم، وكل دولة تنطلق في تقدير الموقف انطلاقا من مصالحها وحساباتها والصورة التي هي عليها في المجتمع الدولي خصوصا الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، فغالبا ما تكون قراراتها مدروسة حتى تحافظ على الزخم والدعم الشعبي الداخلي لتأييد سياساتها، وقد شهدنا قبل سنوات حادثة خطيرة تمثلت باسقاط تركيا طائة مقاتلة روسية في مسرح العمليات العسكرية فوق الاراضي السورية وقتل قائدها بعد اسره من قبل تنظيمات تلقى الدعم من الحكومة التركية، وكانت موسكو قد هددت برد قاسي على تركيا لكن المصالح الاستراتيجية منعت الروس من توجيه ضربة لتركيا، لتقديرها وضع تركيا وعضويتها في حلف شمال الاطلسي، وتم فيما بعد تخفيف حدة التوتر الى ان طُبعت العلاقات واصبحت على ما يرام وتعدت ذلك الى توقيع صفقة صواريخ أس 400 التي تعارضها امريكا وتهدد بايقاع عقوبات على تركيا في حال اتمام تلك الصفقة، الحديث عن الطائرة الروسية هو من باب المقاربة لتقريب الفهم للطريقة التي يفكر بها الكبار مع تلك الاحداث. الموقف الايراني مُعلن وواضح وهو تدمير أي هدف يقترب من حدودها البرية ومياهها الاقليمية وبادرت على الفور باعلان اسقاطها طائرة الدرون الامركية اهم طائرات التجسس الامريكية وتوعدت بضربات ساحقة لاي هدف يشكل تهديداً لامنها القومي، وستسعى للتصعيد دائما لحلحلة الموقف الدولي لتخفيف الحصارعليها الذي بدأ واضحا انه يشكل تهديد لامن النظام الايراني خصوصا مع وجود أرضية ترفض السلوك السياسي الخارجي وتشكل نسبة كبيرة من المواطنين في الداخل ولكنها مهمشة. الموقف الامريكي متردد بين ضربة محدودة ستستغلها ايران لمهاجمة حلفائها واعطاء اشارة البدء لوكلائها في المنطقة (العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وحتى دول الخليج ) لتسديد ضربات لاهداف مدنية وعسكرية للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في المنطقة، أو الاستعداد لحرب شاملة ساحقة تدمر مرتكزات الدولة الايرانية وستكون طويلة وشاقة ومرهقة وستنعكس بتداعيات خطيرة على كل دول المنطقة قد يضطر النظام الايراني حينها وبمحاولة يائسة لاستخدام اسلحة دمار شامل إن كان يمتلكها. دول الخليج(السعودية الامارات، البحرين، وربما الكويت) تدفع بالخيار الثاني وهي مستعدة الى ذلك أكثر من أي وقت مضى لشعورها باليأس من حالة النظام الايراني الذي يعلن نواياه دائما لا بل حقق له موطىء قدم في جنوب جزيرة العرب من خلال الحوثيين وفي بلاد الشام والعراق، وهو يستعد لابتلاع المنطقة واحياء الامبراطورية الفارسية ولديه القدرة على ذلك شريطة التفاهم مع القوى الغربية على تقاسم المنطقة..لكن القوى الغربية لا زالت لا تثق بالنظام الايراني الحالي وان كانت تقر بدور ايران المهم في المنطقة. استعجال دول الخليج لقيام امريكا بضربة ساحقة لايران سيكون ثمنه باهظا وربما يعيد ترتيب المنطقة من جديد وسيكون له تداعيات مؤلمة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. المنطقة على فوهة بركان والقادم ستكشفه الايام القليلة القادمة وما يُخطط للمنطقة من سيناريوهات ليس بصالح دولها، وكنا نتمنى ان تكف ايران أذاها عن المنطقة والتدخل بشؤون الدول العربية والتعامل معها على اساس حسن الجوار والتعاون دون التفكير بالهيمنة عليها كما يردد الساسة الايرانيون بسيطرتهم على اربع عواصم عربية..المستقبل مظلم وخطير وسيحرق الاخضر مع اليابس إن انجر الصراع. ومع كل ذلك يجب ان تستعد السعودية كدولة محورية في المنطقة وامامها رؤية واضحة لتقدمها في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهي تمتلك المقومات والارادة لتحقيق ذلك، لمواجهة السيناريوهات المقبلة وان تضع حدا للحرب في اليمن وحسمها باقرب وقت والاستعداد للخصم الاعند والاشرس ايران التي تمتلك مقومات مهمة، والاخطر ان لديها مشروع تريد تنفيذه في المنطقة.