تعتبر المؤسسات الثقافية الرسمية و الاهلية هي الحاضنة الام للمثقفين على اختلاف اداورها , ويقع على عاتق اداراتها المسؤولية القانونية والاخلاقية والدينية تجاه المثقفين والمجتمعات المدنية بشكل عام في خلق مناخ ثقافي يلتقي فيه المثقفون والمبدعون من مختلف المشارب والمنابت ومن مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين للكشف عن انجازاتهم واعمالهم الادبية والثقافية ومناقشة مختلف القضايا والمواضيع والمستجدات والتطورات على الساحة الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لان الثقافة هي محور التنمية الشاملة والمستدامة في الدول المتقدمة .
المؤسسات الثقافية انشئت ورخصىت بموجب القانون ولها انظمتها التي تحدد دورها في العمل الثقافي وواجباتها تجاه المثقفين والمجتمع بشكل عام , الا ان عددا كبيرا من القائمين على ادارة هذه المؤسسات ما زالوا في سبات عميق ولا يمتلكون المقدرة والكفاءة لادارتها ,ولا يتقيدون بانظمتها الداخلية ولا يدركون اهمية هذه الانظمة في رسم الاهداف والخطط والبرامج لعمل المؤسسات , مما اوصلنا الى حالة يسودها العشوائية والتخبط في ادارة هذه المؤسسات , التي لا تراعي في انشطتها وبرامجها المصلحة الوطنية والدينية والاخلاقية تجاه الوطن والمثقفين .
المؤسسات الثقافية احدثت حالة من الاحباط وعدم الرغبة لدى المجتمعات المحلية في الانخراط والتشاركية والتفاعل الحقيقي والايجابي مع الجسم الثقافي لاسباب كثيرة واهمها عدم وضوح الرؤية والخطط والبرامج لهذه المؤسسات واختصار الانشطة والفعاليات اليوم على امسيات شعرية وثقافية وحفلات توقيع اصدارات وتكرار ممل لعدد كبير من الشخصيات الثقافية في مختلف المحافل .
المؤسسات الثقافية اليوم معنية بشكل كبير في دعم جهود الدولة في نشر التوعية والتثقيف في العديد من القضايا والتحديات والصعوبات التي تعصف بالمجتمعات المحلية وتحديدا الشباب وهم العمود الفقري للدول , وهذه التحديات تشكل مصدر خطر كبير على المجتمعات واهمها الافات الاجتماعية والسلوكيات الخاطئة ونذكر منها : المخدرات , التطرف والارهاب , الكراهية , العنف الجسدي واللفظي والجنسي , التنمر , الاشاعة , التدخين , المحافظة على النظافة العامة والشخصية والتصدي للاوبئة الخطيرة , وكذلك العمل الجاد على تعزيز القيم الايجابية ومنها : الانتماء والولاء للوطن , المحافظة على الممتلكات العامة , احترام الراي والراي الاخري , التعايش والتسامح الديني والفكري , حقوق الانسان , الابداع والتميز والابتكار .
اليوم مطلوب من المثقفين تغيير النهج في الكتابة والابتعاد قليلا عن الحب والغزل والمديح لافراد ومؤسسات والشكر والثناء وغيرها من المواضيع العاطفية والاجتماعية , ووجب عليهم توظيف الكتابة و الشعر والرواية والقصص المختلفة في معالجة القضايا المختلفة والتحديات التي تواجه الوطن وابراز دور المبدعين واصحاب الكفاءة والانجاز في قصص النجاح , وتحفير الابتكار والابداع والتميز وتعزيز الولاء والانتماء للوطن والقيادة بهدف خلق جيل من الشباب مثقف ومتعلم ومحب ومنتم لوطنه وامته وعلى قدر عال من الكفاءة والمسؤولية .
المؤسسات الثقافية اليوم معنية بالكشف عن المواهب الجديدة في الكتابة بكافة انواعها ورعايتها وتمكينها من التطوروتبوء مكانتها المناسبة في الحركة الثقافية وتحديدا فئة الشباب ومن الجنسين وفتح المجال امامهم لاطلاق ابداعاتهم ومواهبهم وتفعيل اداورهم في العمل الثقافي من حيث استضافتهم في امسيات وفعاليات ثقافية وكذلك ادارة الندوات وعرافة الحفل , واختصار دور القامات الثقافية كضيوف شرف واصحاب راي ومشورة في ادارة المشهد الثقافي فقط .
و هنا نؤكد انه لا بد للمؤسسات الثقافية من تغيير النهج والعودة الى انظمتها الداخلية وتطويرها وتحديثها اذا لزم الامر , وفي حال توفرت الرغبة لدى اداراتها أن تكسب وتجذب المثقفين والمبدعين ان توفر لهم الجو والمناخ المناسبين لإيصال صوتهم واطلاق ابداعاتهم في فضاء من المودة والمحبة والرقي والمهنية العالية في العمل الجاد والدؤوب نحو التنمية الثقافية الشاملة والمستدمة .