سيميون الثاني او تسار سيمون " كما هو اللقب الملكي في البلقان" هو الملك المنفي والذي استطاع العودة لبلادة ليصبح رئيساً للوزراء .فيها خلال الأعوام من ٢٠٠١ ولغاية ٢٠٠٥ .
بدأت اول علاقة لهذا الملك المحبوب مع الاردن عندما تم تعميده في نهر الاردن بعد ولادته عام ١٩٣٧ ، خلال رحلة حج مع عائلته الملكية إلى الأراضي المقدسة ، وتوالت بعد ذلك العلاقة ونمت وتطورت من خلال زمالته للملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله في كلية فيكتوريا " المدرسة الانجليزية العريقة " في الإسكندرية بمصر عام ١٩٥١ بعد أن تم نفيه من بلغاريا نتيجة لإقتحامها من قبل الجيش الاحمر السوفييتي وتنصيب نظام شيوعي موالي لها هناك .
لم يأت حلم استعادة السلطة للملك البلغاري سيميون الثاني بشكل عبثي، فذلك الطفل الذي حكم مملكة بلغارية بين عامي ١٩٤٣ و١٩٤٦، صمم وثابر ليصل إلى مبتغاه، ففي عام ٢٠٠١ أصبح رئيساً لوزراء جمهورية بلغاريا، ليكون بذلك أول ملك في العالم يستعيد السلطة بواسطة الانتخابات.
عندما تسلم سيميون العرش من والده الملك بوريس الثالث، الذي توفي بسبب مرض غامض في القلب بعد عودته من اجتماع مع ادولف هتلر في المانيا ، كانت بلغاريا في حالة يرثى لها، فالحرب العالمية الثانية أثرت فيها بشكل كبير، واحتلتها القوات السوفياتية بعد تولي الملك الطفل بعام، ليعلنوا بعد عامين ، قيام جمهورية بلغاريا الشعبية في ١٩٤٦ وينفى سيميون الثاني مع والدته وافراد أسرته .
عينت القوات السوفيتية في عام ١٩٤٥ حكاماً تابعين لها، عوضاً عن الأسرة الملكية، وأجبروا الملك الطفل سيميون ووالدته الملكة جيوفانا وشقيقته الأميرة ماريا لويزا البقاء في قصر «فرانا» قرب العاصمة صوفيا ، في ظروف رعب اشبه ما تكون بظروف أسرة آل رومانوف أعقاب نجاح الثورة البلشفية في روسيا عام ١٩١٧ .
وفي ١٥ سبتمبر/أيلول ١٩٤٦ نُظم استفتاء صوري تحت حراب الجيش الاحمر السوفييتي لتحويل البلاد إلى جمهورية وأيد الاستفتاء ٩٧% من عامة الشعب البلغاري المرغم ، لتتحول بعدها بلغاريا إلى جمهورية على النسق السوفييتي بعد انقلاب مدعوم من الجيش الأحمر، عزلوا فيه الامير كيريل الوصي على العرش و رئيس الوزراء بوقدان فيليبوف ، و أعدموا نواب في البرلمان معارضين وقادة في الجيش ، إضافة الى صحفيين أحرار ، وقد تمت جميعها من قبل الشيوعيين البلغاريين .
وفي ١٦ سبتمبر ١٩٤٦ نُفيت الأسرة الملكية خارج بلغاريا، على الرغم من أن الملك سيميون الثاني لم يوقع على أية أوراق للتنازل عن العرش.
توجهت العائلة المالكة إلى منفاها في الإسكندرية بمصر؛ حيث كان والد الملكة جيوفانا الملك فيكتور إمانويل الثالث (جد سيميون لأمه) ملك إيطاليا يعيش في منفاه، وهناك درس سيميون الثاني في كلية فيكتوريا إحدى أقدم وأكبر المدارس الإنجليزية بمصر ، بمعية الملك حسين بن طلال ، ورفقة ولي عهد ألبانيا الأمير ليكا الأول.
وفي يوليو ١٩٥١ عرض حاكم إسبانيا فرانسيسكو فرانكو، اللجوء على الأسرة المالكة؛ حيث أنهى سيميون الثاني تعليمه في مدرسة «ليسيه فرانسيس» الفرنسية ودرس العلوم السياسية.
التحق في عام ١٩٥٨ بكلية وأكاديمية «فالي فورج» العسكرية في الولايات المتحدة، ثم عاد مجدداً إلى إسبانيا؛ حيث درس القانون وإدارة الأعمال. وعمل بعد تخرجه في حقل التجارة وصار رجل أعمال ناجح لعدة شركات في إسبانيا وفرنسا.
أصر سيميون على العودة إلى بلغاريا، وفي ١٩٩٠ وبعد سقوط الشيوعية في بلغاريا، حصل على جواز سفر بلغاري جديد، وتحقق حلمه بالوصول إلى وطنه بعد ٥٠عاماً في المنفى ليصل في عام ١٩٩٦.
اتخذت عدة إجراءات في بلغاريا لعودة العائلة المالكة السابقة للبلاد، وقوبل الملك المنفي بحشود هائلة احتفالاً بعودته، وفور وصوله أسس حزب «الحركة الوطنية للاستقرار والتقدم»، الذي حصل على نصر كبير في الانتخابات العامة في ٢٠٠١حاصلاً على نسبة شبه مطلقة، ١٢٠ مقعداً من أصل ٢٤٠ في البرلمان، ليشغل منصب رئيس الوزراء، بعدها. وخلال فترة حكومته التي استمرت ٤ أعوام انضمت بلغاريا إلى حلف الناتو، وحققت تقدماً في مجال انضمامها المستقبلي للاتحاد الأوروبي .
يعد الملك سيميون الثاني من الزعماء القلائل في العالم ، الذين لا يزالون على قيد الحياة منذ الحرب العالمية الثانية ، إذ ولد في ١٧ يونيو/حزيران ١٩٣٧ في العاصمة صوفيا.
الملك سيمون والذي يتمتع برصيد جيني هائل من أدب الملوك وأخلاقهم وتواضعهم هو بلغاري من أصول المانية ، وايطالية من جهة الام وله صلة قربى بالملكة اليزبث ملكة بريطانيا ، يحب الاردن كثيرا و حل ضيفا كريما على صديقه الملك حسين رحمه الله في عمان مرات عديدة ، وقد شارك في جنازة العصر لصديقه عام ١٩٩٩ في عمان .
في زيارتي الأخيرة للعاصمة البلغارية صوفيا، حدثني القنصل الفخري للمملكة الاردنية الهاشمية هناك ، انه كان يشعر بمعاملة خاصة و ودودة من قبل الملك سيمون اثناء فترة توليه رئاسة مجلس الوزراء ، لم استغرب ذلك كون هذه صفة طبيعية للكرام في التعبير عن حبهم ووفائهم ، ولما يكنه شخصيا لصديقه الملك حسين رحمه الله و للمملكة وشعبها ايضا .
كل الاحترام والتقدير المقرون بالاعجاب الشديد لهذا الملك الأوروبي العريق .