قام فريق عالمي بقيادة حدائق "كيو" الملكية النباتية بتحليل أكثر من 9,500 نبات مزهر لمعرفة كيف تطور هذا العدد الكبير من النباتات بهذه السرعة.
إضافة الى جمالية الزهور فهي تساعد بجذب النحل والخفافيش والملقحات الأخرى لمساعدة النبات على الانتشار. وهذا ما جعل النباتات المزهرة هي المهيمنة على الحياة النباتية الأرضية، حيث تمثل 90% من جميع النباتات على الأرض. ومع ذلك، شكل التنويع الهائل للنباتات المزهرة بعد فترة وجيزة من ظهورها لغزًا لتشارلز داروين.
وألقت دراسة جينومية حديثة أجراها فريق متعدد الجنسيات مكون من 279 عالمًا بقيادة حدائق كيو الملكية النباتية ضوءًا جديدًا على هذا اللغز. حللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "Nature"، أكثر من 9500 نبات، منها أكثر من 8000 نبات مزهر. واكتشف الباحثون أن أصل الحياة لا يزال لغزًا كبيرًا، حيث لا يزال هناك جدل حول طبيعة الشكل الأول للحياة وسلائف النباتات ذاتية التغذية.
وتشير الحفريات إلى أنّ النباتات الأرضية تطورت من الطحالب الخضراء التي عاشت في المياه الضحلة قبل أن تستعمر اليابسة. ويشير ظهور الجراثيم في العصر الأوردوفيشي، أي منذ حوالي 490 مليون سنة، إلى وجود نباتات على اليابسة ذات سلف مشترك مع الطحالب الخضراء.
كما ظهرت النباتات الوعائية خلال العصر السيلوري، وبدأت تهيمن على العالم بحلول العصر الديفوني. وشكّل ظهور النباتات المزهرة منذ حوالي 140 مليون سنة نقطة تحوّل، حيث تنوعت بسرعة، وأصبحت المجموعة النباتية المهيمنة.
كان داروين في حيرة من الظهور المفاجئ لهذا التنوع. وتوفر الدراسة الجديدة، التي تستند إلى بيانات جينية من أكثر من 9500 نوع نباتي ومعلومات من السجل الأحفوري، فهمًا أوضح لوتيرة النمو في شجرة الحياة النباتية.
وأكد الباحثون أن النباتات المزهرة ظهرت منذ حوالي 140 مليون سنة وشهدت طفرة في التنوع. ونشأت أكثر من 80% من السلالات المزهرة الحالية خلال هذا الوقت. حدثت طفرة أخرى في التنوع قبل 40 مليون سنة، مدفوعة بتغير المناخ.
ويُعد الكم الهائل من البيانات التي تم تحليلها في هذه الدراسة إنجازًا كبيرًا، حيث كشفت عن معلومات قيّمة لبناء شجرة حياة لجميع الأنواع المعروفة من النباتات المزهرة. كما يسلط هذا البحث الضوء على أهمية استخدام تقنيات التحليل الجيني على عينات النباتات المجففة المخزنة في مجموعات المعشبة.
فمن خلال دراسة هذه العينات، تمكن الباحثون من تحديد تسلسل الحمض النووي من العينات التي تم جمعها منذ أكثر من 200 عام ووضعها في شجرة الحياة.
ويأمل الباحثون في جامعة كيو أن تساعد هذه الثروة من المعلومات في معالجة أزمة التنوع البيولوجي الناجمة عن النشاط البشري، حيث إن فهم تطور النباتات وتنوعها يمكن أن يساعدنا في التعامل مع التحديات التي نواجهها كنوع.