نقلتها عن أبطالها الحقيقيين الذين ما زالوا يعيشون بيننا .
شهداء الجيش العربي في اليامون - جنين .. الشهيد الحي عبد العزيز العدوان .
نيروز الاخبارية... راصد
بين يدي قصة ملحمة سطرها فتية آمنوا بربهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، قاتلوا العدو في معركة غير متكافئة حتى نالوا مرتبة الشهادة .. في يوم الثلاثاء ثاني أيام حرب حزيران صدرت الأوامر لفصيل من السرية الثانية من كتيبة المدفعية الأردنية السادسة بقيادة الملازم الأول الشهيد محمد محمود موسى أبو الفول بالتحرك من موقعه في الزبابدة بالقرب من عرابة / جنين الى بلدة اليامون وهي الأقرب إلى قواعد العدو في العمق الإسرائيلي، لإسناد لواء خالد بن الوليد في قاطع جنين، إضافة لواجب خاص وهو قصف مطار مجدو الواقع في مدى مدافعها، في الطريق إلى مكان الواجب تعرضت دبابة إسرائيلية لسيارة قائد السرية فأعطبتها وصعدت عليها بجنزيرها وهرستها وإستشهد الملازم محمد أبو الفول ونجا سائقها، تموضعت المدافع الثقيلة من عيار 155 ملم مجرور في مكانها وبدأت بقصف مطار العدو وقواعده العسكرية وتوقع بها خسائر فادحة، مما هدد إقلاع وهبوط طائرات العدو العائدة من مهامها على الجبهة المصرية في مطار مجدو، ردت القوات الإسرائيلية بقصف مدفعي عنيف فأصيب أحد المدافع مع طاقمه وتحركت الدبابات الإسرائيلية بإتجاه المدافع الأردنية ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين قاوم أبطال المدفعية بأسلحتهم الخفيفة حتى فرغت منهم الذخيرة ثم داهمتهم دبابات العدو ومرت من فوق خنادقهم وإمعاناً في القتل أطلق الإسرائيليون النار على الجنود الاردنيين للتأكد من موتهم فقضوا شهداء وعددهم ثمانية رووا بدمائهم الزكية أرض فلسطين الطاهرة، إختبأ الجنود الناجون في الأحراش القريبة وإستضافهم بعدها أهالي البلدة في بيوتهم لعدة أيام تمكنوا خلالها من تهريبهم إلى شرق الأردن، في الأثناء تعاون أهالي اليامون على نقل جثامين الشهداء إلى مغارة قريبة ليقوموا بدفنهم حالما تسمح ظروف القتال بذلك وأثناء نقلهم شعر أحدهم المدعو محمد يوسف السمار ( ابو بسام ) إن جسم أحد الجنود ما زال ساخناً فتوقع أنه ما زال حياً فنقله إلى بيته وعرف من خلال وثائقه أنه يدعى عبد العزيز العدوان ( أبو عمر ) وإستدعى أحد أبناء اليامون ويدعى خليل النعنيشي ويعمل ممرضاً لعلاجه وتبين أنه مصاب بأحد عشر رصاصة في أنحاء متفرقة من جسمه، إعتنى الممرض مع أسرة أبو بسام بالجندي المصاب إثنى عشر يوماً تجاوز خلالها مرحلة الخطر ونقله بعدها إلى مستشفى جنين لإستكمال العلاج فيه، في المستشفى لاحظ مسؤول الإستخبارات العسكرية الإسرائيلي عدم زيارة أحد لهذا المريض فأمر بوضعه تحت التحفظ وبعد حوالي ثلاثة أسابيع شُفي من إصاباته وتم تسليمه إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي حيث إستطاع خلال إستجوابه إقناعه إنه مجرد طالب من شرق الأردن يدرس في المدرسة الزراعية وتصادف مروره بالموقع العسكري عندما تعرض للإصابة، جرى ترحيله بعدها إلى الأردن، بعد وقف إطلاق النار قام أهالي اليامون بدفن الشهداء في مقبرة البلدة التي ُسميت على إسمهم مقبرة شهداء الجيش الأردني وعرفت اسماء الشهداء وهم الملازم١ محمد محمود أبو الفول من كفر عان - إربد، والرقيب يحي حسن المعايطة من إدر/ الكرك، والعريف محمود شكري مرشد من قصرا / نابلس، والجندي٢ سمير مصطفى القضاة من عبين - عجلون، والجندي١ علي عقيل سليمان من عيمة / الطفيلة، والجندي٢ خليفة مصطفى محسن من حور / إربد، والجندي أمين سلامة المومني من صخرة / عجلون، والجندي أحمد نجيب خلف الحموري من بيت راس / إربد، وأخيراً من بين الشهداء الثمانية الجندي٢ سالم سليمان بطارسة من سوف / جرش مسيحي عربي قاتل وإستشهد مع زملاء السلاح المسلمين ودُفن جثمانه معهم في نفس المقبرة وما تزال قبورهم إلى يومنا هذا شاهدة على وحدة الدم والمصير التي تعمد علاقة الشعبين العربيين ويقوم أهالي اليامون بقراءة الفاتحة للشهداء بالأعياد والمناسبات وكلما مروا بالمقبرة .. يشاء الله أن يرحل محمد يوسف السمار (أبو بسام) وعائلته إلى الأردن ويزور صديقه الجندي الأردني عبد العزيز العدوان (ابو عمر) في منزله في قرية الجعيدية الواقعة في نهاية شارع الأردن ليستقبلهم وأهله خير إستقبال وبعد سنوات تُتوج علاقة الصداقة الأخوية بينهم بالمصاهرة والنسب بزواج إبن أبو بسام الياموني من إبنة الجندي الأردني .. رحم الله شهداء الجيش العربي الأردني الذين قاتلوا ولم يتقهقروا، صمدوا ولم يستسلموا، أقسموا أن تكون خنادقهم إما بداية النصر أو قبور لهم .