لا بد أن نفهم أن الجيل الرابع من الحرب لن يحل محل الحروب التقليدية, بل هو اختلاف في التكتيك, وتبدل في الأسلوب, من خلال زرع التسوس الداخلي, وإدامة الإنهاك المحلي, وتغذية التآكل البطيء, لزعزعة الأمن وتقويض الاستقرار, وإثارة الفوضى, والتشجيع على التمرد والعصيان, وإطالة أمد الصراع, يقود في النهاية إلى خلق دول فاشلة, ينتشر بها خراب المدن, ودمار المؤسسات, وتحطيم المنشآت, وحرق المرافق العامة, بمعنى آخر تصيح الدول غير قادرة على تلبية المتطلبات الأساسية, ولا الاحتياجات الضرورية للناس, هكذا يصبح هذا الوضع وجه آخر للحرب, وخير مثال على ذلك العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وأفغانستان.
نظرية الجيل الرابع من الحرب ترى أن السقوط السريع للدول يحافظ على مؤسسات الدولة, ويبقي عناصر القوة للنهوض مرة ثانية, لإعادة البناء والإعمار, بينما السقوط والانهيار البطيء يترك جرحاً غائرا ً لا يمكن أن يلتئم, يترك الدول بين ذل الجوع وشبح الخوف, أطلال خاوية, مناطق منكوبة, أرض محروقة, تتعطل وسائل الحياة, يتوزع الشعب بين المقابر والمعتقلات, والنزوح واللجوء والهجرة, والمعاقين والمفقودين, والأسرى والمشردين, وفي النهاية تفرض عليها الوصاية والانتداب.
كما أنها تعتمد على استغلال نقاط الضعف, لخلق نزيف دائم, ومعارك ممتدة, وهي أيضا ً استثمار للمذهب والعرق والطائفة, لإيجاد بؤر قابلة للانفجار, تحقق الهدف الرئيسي لتدمير الدول, وتقويض المجتمعات, من خلال عمليات قتال بطيئة, ولكن دائمة وغير واضحة الخطوط الفاصلة بين المقاتلين والمدنيين.
يستخدم الجيل الرابع شعارات براقة, كشعار حقوق الإنسان, والشرعية, وحق تقرير المصير, والديموقراطية, ومحاربة التطرف, ومحاربة الإرهاب, إنه أسلوب إدارة الحرب وليس إنهائها, بين الدول والشعوب, للقضاء على مقومات الوجود, وتحويلها إلى ركام, وتركها جثة هامدة, بلا حول ولا قوة ولا إرادة, هي حرب لوكلاء محليين, وتمويل إقليمي, وتخطيط أجهزة استخبارات دولية.