تتلألأ القدس في سماء الحياة العربية كما تتلألأ النجوم في ليلٍ مظلم، وكما للقدس من أهمية روحية، فلها أهميةٌ في القلوب تُجسِّد واقعنا الحياتي، وعليه فالدفاع عن القدس وما يجري فيها الآن ما هو إلا تعبيرٌعن الدفاع عن الحياة بإعتبار القدس هي حياة البشر. وكما للقدس من أهمية إسلامية حالياً بسبب الأقصى المبارك، فكذلك للمسيحية فيها روحُ وجودهم، ولذلك فالجميع مدعو للمشاركة في الدفاع عن القدس.
فالقدسُ تبقى العنوان الأهم من فلسطين، وعنوانها في التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967. فالقدس الشرقية تقع في جوهر الصراع العربي الإسرائيلي خصوصاً مع مشروع صفقة القرن وتوحيد شطريها في محاولة بائسة لتجريدها من هُويتها ومكانتها ووضعها القائم التاريخي والقانوني وإقصائها عن كامل الجسم الفلسطيني وإسقاطها من الحسابات كعاصمة الدولة الفلسطينية.
وما هبَّةُ القدس التي انتفض فيها أهلها المقدسييون بمسلميها ومسيحييها إلا تعبيراً عن رفضهم التام والقطعي للمخططات الفاشلة التي تُريد نزع هُوية القدس وعُروبتها وتاريخيتها وقانويتها. فالدم الذي سال والشجاعة البطولية منقطعة النظير التي أظهرها الفلسطينيون والمقدسييون بشكل خاص ألهبت العالم بهذه الهبة الشعبية السلمية في وجه غطرسة الإحتلال، وأعادت بوصلة العالم نحو القضية المركزية في العالم العربي، وقضية القدس تحديداً، التي لا سلام ولا استقرار في المنطقة والعالم من غير حلٍّ عادلٍ وشاملٍ بمقتضى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة بحل الدولتين.
وسوف تبقى القدس بوصلة العالم للأمن والسلام والإستقرار، فهي مهوى أفئدة المليارات من المؤمنين وقبلتهم، فهي أرض الفداء والقيامة وأرضُ الإسراء والمعراج، وهي رمزٌ وأساس للسلام وللتعايش السلمي بين كلِّ الأديان، وللسكينة التي تدخل القلب عندما تبقى أبوابُها مفتوحة لجميع الديانات السماوية ولكل من يقصدها ويحج إليها لينهل من قداستها ومن عبقها ومن تاريخها المجيد.
وستبقى الوصاية والرعاية الهاشمية التاريخية والقانونية والدينية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والتي يقودها عميد آل البيت جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم مَحَّطَّ حُبِّنا وتقديرنا وولائنا لما تقدمه في الحفاظ عليها وعلى هُويتها وعُروبتها ووضعها القائم امتداداً للعهدة العمرية في الوئام الديني والعيش المشترك والأخوة الإسلامية المسيحية والمحافظة على النسيج المجتمعي.
وحالياً تشهد الساحة محلياً وإقليمياً وعالمياً تحركاً دبلوماسياً وسياسياً أردنياً بما يصبّ في خدمة فلسطين والقدس ومقدساتها.