ربما تزخرُ حياتنا اليومَ بكثيرٍ من الأمور إلا الهدوء والإطمئنان، وهذان الأمران من أهم الأمور التي يحتاجها الإنسان في حياته لكي يقدر أن يعيش بتقوى ووقار، ولكي يقدر أن يكون عنصراً فاعلاً في الحياة ومنتجاً لا مستهلكاً أو منقاداً.
فالهدوء أولاً هو هدوء النفس الهائجة التي أعيَتْهَا أعباءُ الحياة الكثيرة وضوضائها، فتكون الحاجة إلى اللجوء إلى الأماكن التي تجد فيها ما يمنحها هذا الهدوء الذي ينعكس على هدوء النفس وراحتها. فبدون هذه الهدوء تبقى حياتنا مشوَّشَة تائهة مشتَّتة وغير قادرة على التركيز على أهدافنا في الحياة وعلى السيرِ بوثوقٍ في خُطى الحياة. وكم هي الأمور التي تُشوّش حياتَنا وتثيرُ من حولنا صَخَبَاً ينزِعُ منَّا هدوءَنا وسلامنا وقوةَ تفكيرنا، فنميلُ إلى التفكير السلبي وإلى الهيجان والإضطراب وإلى الخروج عن القيم والمعايير الإنسانية. وبنظرة سريعة لما يدور من حولنا من أخبار وأحداث هناك ما ينزع منا هدوءنا وراحة بالنا.
وثانيا، بخصوص الحياة المطمئنّة فحياتنا تجتاح إلى جوانب الطمأنينة المانحة للسلام، فبدون مثل هذا السلام الداخلي يصعب على الإنسان أن يحيا الحياة الطبيعية التي أرداها الله لنا، وما أكثر ما يدعو من حولنا للخوف والقلق على حياتنا وعلى حياة أولادنا وعلى مستقبلهم، وما أكثر من يدعو للخوف من غياب عدالة البشر وغياب المساواة وانتقاص حقوق الإنسان، وما أكثر من يدعو للخوف أحياناً غياب تطبيق سيادة القانون على الجميع بحيث يكون القانون هو الفيصل الحكم عندما يتم إنتهاك حقوق الناس وأعراضهم. وحياتُنا التي نَحيانا يَجِبْ أنْ يَسودَها الهدوءُ والطمأنينة، وهذه عناوين للدول المتقدمة المدنية التي يحتلُّ الإنسانُ فيها المكانة الأولى لأنَّهُ هدفُ أي تنمية وأيّ إهتمام، فهو الضمانة لتقدم مثل تلك الدول وبقائها ورقيِّها.
وتبقى الحياةُ قيمة سامية ونعمةٌ إلهية، وقد خُلقنا لنحيا حياةَ الهدوءِ والإطمئنانِ في كلِّ تقوى ووقار، حيث يجد الإنسان قيمتَه الحقيقية والإحترام الذي يستحق، وبالتالي يقدرُ أنْ يقدِّرَ قيمة كلِّ الإشياء ويحافظ عليها ويطورها ويحافظ على قيمة الحياة ومغزاها.