في رحلة استثنائية جمعت ست عشرة سيدة من عائلات الأردن وعشائرها من آل " الفايز ، الخطاطبة ، الشوبكي،
حرز الله ، الجمل، الشريف ، سحيمات، حماد ، عبيدات ، الطويسي، نور الدين ، الناصر ...الخ..للسفر إلى تركيا، جمعنا القدر من هنا وهناك ولم نكن على تقارب مسبق وصداقة من قبل .
كنا كالعصافير، نريد الطيران من الفرحة، ولا أعلم سبب و حجم هذه الفرحة ؟ هل هو التحرر من الروتين اليومي والرتابة والملل وضغوطات الحياة وعبء المسؤولية؟ أم أنه من آثار جائحة كورونا، أم فرحة لها طعم آخر وتفسير مختلف لكل واحدة منا في أعماقها ؟
أول موقف واجهنا في مطار عمان من أحد المسافرين بسؤاله بدهشة واستغراب (١٦ ) سيدة تاركين بيوتكن وأزواجكن في رحلة استجمام إلى تركيا ؟ ولا أدري سبب هذا التدخل وكأن لديه وكالة رسمية كمحام عن الرجال، أو تقدموا بشكوى له!؟ أم أنها ثقافة مجتمع - على كل حال - لم تزدنا هذه العبارة إلا مزيدا من الفرح والبسطة .
في السفر محطات وعبر وتأمل من الصعب إيجاد وصف له ..
في السفر تعلمنا الشيء الكثير ، تعلمنا أن الصداقة هي الحياة، والمحبة والعطاء والتسامح هي قيم يجب ان ترافقك حتى في شنطة سفرك...
في السفر تحاول إيجاد المقارنات والمفارقات بين هنا وهناك ، وتكتشف الناس ومعادنهم ، ومنهم كالذهب
ومعرفتهم ثروة إنسانية لا تقدر بثمن ..
في السفر تعلمنا أن لغة التواصل مع الآخرين مهمة صعبة للغاية للوصول إلى ما تريد .. وفي بعض الاحيان يتعثر التواصل أمامك وتفقد معنى الكلام بسبب أن من تلجا إليه لتطلب المساعدة يصر على التحدث بلغته الأم؛ احتراما لوطنه ولبلده ، وإن كان يعرف لغتك ويفهمها..
في السفر تكتشف انك "أمي" أمام التقدم التكنولوجي الهائل وأنك لا بد من الإستعانة بجيل الشباب ، وهم جيل التكنولوجيا والمستقبل ولولا الفتاتان الجميلتان " هيا ولين" لكنا ما زلنا هناك ..
في السفر تعلمنا ان الشريك في غرفتك ، يجب أن تتعامل معه بطريقة مختلفة والأشياء المشتركة بينكما أصبحت ليست لك، فالمساحة الممنوحة لك أصبحت أقل وأشد ضيقا، وأن النظافة والترتيب واحترام الوقت عناوين مهمة لاستمرار الشراكة ..
في السفر تحاول توسيع دائرة معرفتك من خلال التعرف على السائحين من مختلف الجنسيات والألوان والأشكال والأطياف ، حيث دفعنا فضولنا للتعرف على من كانت تجلس بجانبنا في لوبي الفندق عندما سألتها وزميلاتي من أين أتيت ، فكانت المفاجأة عندما قالت أنني من اسرائيل .. شعرت حينها وكأن أحد من الموجودين صعقني بسلك من الكهرباء ، وكررت السؤال عليها للتأكد- هل انت من عرب الداخل ؟. فقالت لا انا من اسرائيل ( باللغة الانجليزية ) وعندها صرخت عليها بدون أي تفكير وبرعشة قائلة لها " أنت قادمة من فلسطين الذي احتلتها اسرائيل ، وكررتها أكثر من مرة ..مكملة، الله يلعن اليوم الذي شردتم به الشعب الفلسطيني " باحتلالكم أرضها .. وحينها دهشت.. وانسحبنا جميع سيدات المجموعة من حولها ..وبقيت في صدمة وتنظر الينا.
وعندما تناقشنا الأمر في ما بيننا ..تم طرح السؤال الآتي " هل ممكن أن تتقبل الشعوب التطبيع والتعامل مع الشعب الاسرائيلي بشكل طبيعي !؟ هل ممكن أن نهضم الفكرة !؟ . مهما كان هناك اتفاقيات وإبرام معاهدات بين الحكومات واسرائيل سواء أكانت لمصالح عامة أو خاصة ، فالفكرة مرفوضة وعلى أرض الواقع يصعب تقبلها وتطبيقها ..وحينها تأكدنا من مشاعرنا وعرفنا بأن لدينا عدو واحد هو اسرائيل ، هم من اغتصب أرضنا وشرد شعبنا وقتل صغارها وكبارها..وما زال البطش والقتل والغطرسة مستمر
،،وليس عدوي من صنعته اسرائيل لي " حسب ما ورد في مقال الدكتور ذوقان عبيدات
في السفر استخدمنا كلمة موحدة بيننا بحبك " يا سهام ويا بيان ويا خولة ونهاد ورولا وريم وآمال وغدير ." فالمحبة كانت الخيمة التي تظللنا بها ورفعت من أسهم التعاون وتلقي بعض الصدمات والكدمات ..
وحينما جاء موعد العودة إلى عمان ، فقد رسمت الفرحة على وجوهنا جميعاً ، وكأن العودة حلم بالنسبة لنا ، وبيوتنا بعيدة عنا ، وبكلمة واحدة وبقلب واحد كلنا توحدنا على " بحبك يا عمان " home sweet home "
وفي نهاية المطاف يبقى الوطن هو الأجمل مهما أبحرنا في السفر ..