ما يبعثُ حقَّاً على الأسى ويدعو إِلَى الرِّثَاءَ هو ذلكَ الحُنُوُّ البالِغُ والرِّقَّةُ الرَّقِيقَة، وما يرميانِ إليه من إثارةٍ للعواطفِ واستدرارٍ للشفقةِ في توقيتِ متزامنٍ لانطلاقِ اللحْنِ الحزينِ الذي تَحْمِلُه عِباراتُ ذواتِ اللُّطْفِ والحَنَانِ، بعد أنْ ظَلَلْنَ يَسْتَتِرْنَ حينَ كانَ ولا يزالُ يُذْبَح الأبرياءُ من المسلمين، فلا يَنْطِقْنَ حرفاً، ولا يُصْدِرْنَ هَمْسَاً ولا يَذْرِفْنً دمعاً.
وفِيمَا تَتَبَاكَى صويحباتُ تلكَ النغمات على حيوانٍ قد وردَ الأمرُ به في شريعةِ الدِّين، تَرَاهُنَّ لا يَنْدَى لَهُنَّ جبينٌ على قتلِ بني الإنسانِ الذي لم تسمحْ به عقائدٌ ولمْ تُحِلُّهُ قوانين !!
وبينما تتكَشَّفُ ما تنطوي عليه ثنايا الصورةِ، مِن رعايةٍ متربِّصَةٍ خَفِيَّةٍ تشملُ بِمِظَلَّتِها أكثرَ من قُطرٍ إسلاميٍّ، يستطيعُ المتَأَمِّلُ أنْ يَسْتَشِفَّ في الأُفق سلطةً نافذةً مُحَرِّكةً تستخدمُ بعضاً مِن أذْرُعِها الناعِمَةَِ لِتَعزِفَ النَّغَمَ المرغوبَ في الوقتِ المطلوبِ ضِمنَ نطاقِ الحملةِ الفكريةِ التي تستهدفُ فيما تستهدفُ أُمُورَ الدِّين.
أمَّا ما تَتَكفَّلُ بها ذواتُ الأبواقِ مِن خدماتٍ -سواء كانت مدفوعةَ الأجْرِ أو مُقَدَّمَةً منها على سبيل التَّطَوُّعِ- فتبقى تلك الخدمات ذاتَ أهميةٍ لا يصِحُّ التجاوُزُ عنها، وهي بلا شك سببٌ يجعلُ البابَ مفتوحاً على مِصراعيْه لِرَصْدِ رُدُودِ الفِعْلِ لدى العامَّة، بلْ وتُشَكِّلُ رافعةً تَمْنَحُ الحكوماتِ إِطلالةً على المِزاجِ العامِّ السَّائِدِ لدى الرعايا التابعينَ لها، حيثُ تُجْرِي السلطاتُ المُختَصَّةُ عملياتِ الجَمْعِ والتحليلِ والقِياسِ والمقارنة والتقييم والاستخلاص، فتعمدُ مِنْ ثَمَّ إلى وضْع الخطواتِ المناسبة اللاحقةِ موضعَ التنفيذِ وَفْقَاً للبرنامجِ المُعَدِّ والمرسومِ مسبقاً.
فهل ستُنْزَلُ بالمُتَطَاوِلِينَ على دينِ المسلمينَ عُقُوبَةٌ بِحَزْمٍ وصَرَامَة؟