نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية : المشكلة ليست في الأردني الذي يطالب بتحسين مستوى معيشته بل في جهات تنتظر اللحظة وتنتقل في الأمر إلى فوضى سياسية وأمنية، ليتحول الأردن من بلد آمن مستقر إلى ملف له مبعوث دولي
بقلم الوزير الاسبق: سميح المعايطة
ليس كل من كتب أو غرد من الأشقاء والأصدقاء عما يجري في الأردن صادقاً في تضامنه معنا، فالبعض يكتب ويتحدث وهو يتمنى أن تدخل بلادنا عهود الفوضى السياسية والأمنية، لكنك عندما تكون خارج الأردن وتلتقي بأشخاص عاديين أو تتلقى اتصالات من مهتمين من الأصدقاء فإنك ترى خوفاً في عيون الصادقين ومحبي الأردن، وتسمع دعاءً بأن يحفظ الله الأردن من أن ينزلق إلى تجارب أخرى وتحديداً مثلما حدث في سوريا.
ورغم ثقتنا جميعاً بأن لدينا وعياً يمارسه الناس وأيضاً إرادة سياسية حكيمة تمارسها مؤسسة الحكم إضافة إلى إدراك المؤسسات الأمنية لكل تفاصيل ما يجري وما يخطط له أي طرف إلا أن من حقنا وواجبنا في الوقت نفسه أن نفهم خوف من يحبون الأردن الذين نراهم في عواصم عربية أو نسمع دعاءهم لنا عبر الهاتف.
سوريا وتجربتها مهمة وأصبحت مصدراً لأخذ العبرة. لأن هذا البلد الذي كانت البداية فيه احتجاجات شعبية كان هناك من يعمل على استثمار شكوى الناس، ولهذا فبعد فترة ليست طويلة ظهرت في كل مناطق سورية مجموعات عسكرية وبدأنا نسمع عن تنظيمات وأمراء وقادة ورأينا كل انواع الأسلحة، وبدأت الفضائيات التي نعرفها تبث فيديوهات عن عمليات وتدريبات، وظهرت النصرة وداعش، وعادت الروح لتنظيمات كانت قد تآكلت مثل إخوان سوريا لنراهم تنظيماً مقاتلاً، وفقدت الدوله سيطرتها على جغرافيا واسعة وبدأت قصة الملف السوري الذي كانت ضحيته الأولى الدولة السورية والشعب السوري ودول حملت عبء الفوضى ومنها الأردن.
ما هو مؤكد أن هناك فرقاً كبيراً بين تعامل القياده الأردنية مع مطالب الناس عما جرى في سوريا، وأيضا هناك مخزون وعي عند الأردنيين كبير؛ والمشكلة ليست في الأردني الذي يطالب بتحسين مستوى معيشته بل في جهات تنتظر اللحظة حتى تستعمل صدق الأردنيين وتنتقل في الأمر إلى فوضى سياسية وأمنية وإدخال الأردن في دوامة لا تنتهي، ليتحول الأردن من بلد آمن مستقر إلى ملف له مبعوث دولي.
البعض يخاف علينا لكن البعض يتمنى أن تذهب الأمور نحو الفوضى، والخط الفاصل هو الدم حتى لو كان لشخص واحد، ولهذا نجد حالة ضبط النفس لدى الجهات الرسمية التي تأتي حرصاً على الناس وأيضاً لتفويت الفرصة على من ينتظرون أي وضع يأخذون معه الأردن إلى الفوضى الأمنيه ثم الفوضى السياسية.
لكل من نراهم من العرب أو نسمع أصواتهم نبعث رسالة اطمئنان بأن الأردن سيتجاوز الحالة الحالية، لكن ما سيبعث الاطمئنان الحقيقي والكامل أن نذهب جميعاً إلى استعادة الهدوء وإغلاق أبواب الشر مادام لدينا مسارات وطنية سياسية نتحدث بها معا حول كل قضايانا.