تُعد قلعة عجلون إحدى أبرز القلاع التاريخية في الأردن، بُنيت عام 1184م (580هـ) على يد القائد عز الدين أسامة، أحد قادة صلاح الدين الأيوبي. شُيدت القلعة على قمة جبل عوف المطل على أودية كفرنجة، اليابس، وراجب في منطقة عجلون، لتكون مركزاً استراتيجياً لحماية المنطقة، وتأمين طرق الحج والتجارة بين بلاد الشام والحجاز.
الهدف الرئيسي لبناء القلعة كان منع توسع القوات الصليبية في منطقة عجلون، وحماية الطرق التجارية المؤدية إلى دمشق وشمال سوريا. كان الحصن أيضاً جزءاً من منظومة دفاعية تواجه حصن "كوكب الهوى" الذي كان يسيطر عليه الصليبيون. لعبت القلعة دوراً بارزاً في مراقبة تحركات الفرنجة والسيطرة على مناجم الحديد في جبال عجلون.
تميزت قلعة عجلون بتصميمها المعماري المميز، حيث بُنيت بأبراج مربعة عند زوايا البناء، وجدران سميكة تحتوي على حلقات للسهام. كما كشفت الحفريات الأثرية عن وجود كنيسة تعود إلى العهد البيزنطي المبكر بالقرب من القلعة.
خلال الحكم العثماني، أُطلق على القلعة اسم "قلعة ابن فريح" نسبة إلى قبيلة الفريحات التي حكمت المنطقة. وعلى الرغم من تعرض القلعة لزلازل مدمرة في عامي 1837 و1927، إلا أنها بقيت قائمة، شاهدة على عبقرية الهندسة العسكرية الإسلامية.
تمتاز القلعة بموقع استراتيجي على ارتفاع 1023 متراً عن سطح البحر، مما يوفر إطلالات واسعة على غور الأردن وفلسطين. وقد أعيد ترميم الجسر المعلق على الخندق المحيط بها عام 1980 من قِبل وزارة السياحة الأردنية.
تحتوي القلعة على العديد من القباب المعلقة التي تضيء الممرات الداخلية، إضافة إلى فتحات للدفاع والإضاءة. كما تتميز بتصميم هندسي فريد يقوم على توزيع الأحمال بفضل استخدام المثمنات، ما أتاح بناء عدة طوابق داخل القلعة.
في عام 2003، تم إنشاء متحف داخل القلعة، يعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تعود إلى العصور المختلفة. تشمل هذه القطع نقوشاً عربية، قنابل نارية، قذائف منجنيق، وأواني فخارية كانت تُستخدم في صناعة السكر، إلى جانب قطع نقدية معدنية.
تجربة زيارة قلعة عجلون تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن، حيث يشعر وكأنه يعيش أجواء تلك الحقبة التاريخية العظيمة، شاهداً على عبقرية المهندسين المسلمين في بناء القلاع والحصون.