أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها فيسبوك، جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي مرآة تعكس مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والثقافية. لكنها في الوقت ذاته سلطت الضوء على ظاهرة مثيرة للجدل تتمثل في استخدام البعض لهذه المنصات بشكل يغلب عليه طابع السطحية، حيث بات التركيز على عرض الصور الشخصية والسعي وراء الإعجابات، على حساب طرح القضايا المهمة أو تقديم محتوى يثري الفكر والوعي.
هذا التوجه يعكس ظاهرة تستدعي التأمل، إذ أصبح التفاعل مع هذه الوسائل مقتصرًا في كثير من الأحيان على الجوانب الشكلية، مما قد يُضعف الانخراط في القضايا الجادة التي تهم المجتمع. إلى جانب ذلك، أصبح البعض يقيس قيمته الذاتية بما يحصل عليه من تفاعل رقمي، وهو أمر قد يؤثر سلبًا على تقدير الذات ويعزز السعي وراء القبول الاجتماعي من خلال معايير سطحية.
كما أن التراجع في جودة المحتوى المكتوب والاعتماد الكبير على الاختصارات أو استخدام العامية بشكل مفرط أثّر على اللغة العربية وأضعف حضورها، حيث افتقر الكثير من المحتوى إلى جماليات اللغة وعمقها الثقافي. وهذا يشير إلى تحديات أكبر تتعلق بتراجع الاهتمام بالمعرفة والثقافة في ظل سيادة الاستهلاك السريع للمحتوى.
لكن الأمر لا يرتبط بالمنصات نفسها بقدر ما يتعلق بطريقة استخدامها. فوسائل التواصل الاجتماعي تحمل إمكانات هائلة لتعزيز الحوار ونشر المعرفة إذا استُخدمت بوعي ومسؤولية. المطلوب اليوم هو تشجيع الأفراد على الاستفادة الإيجابية من هذه الوسائل من خلال تقديم محتوى هادف وملهم يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وإدراكًا للقضايا المهمة، بعيدًا عن المظاهر السطحية التي لا تضيف قيمة حقيقية.