ونحن على أعتاب بداية عام ٢٠٢٥، تمثل الرديات الضريبية جزءًا أساسيًا من العلاقة بين مؤسسة ضريبة الدخل والجمهور، كونها حقًا مستحقًا للمواطن أو الشركات بعد تسوية الإقرارات الضريبية.
ومع ذلك، فإن تأخير صرفها لفترات طويلة، أحيانًا تتجاوز السنة الضريبية، يطرح تساؤلات جدية حول الالتزام المتبادل بين الدولة والمواطن.
المنصة الضريبية الإلكترونية قدّمت حلولًا متطورة لضمان حق المؤسسة في تحصيل الضرائب، بدءًا من تقديم الإقرارات وصولًا إلى فرض غرامات فورية على أي تأخير من المواطنين، لكنها في المقابل لم تعالج مواعيد صرف الرديات بالعدالة ذاتها أو بآلية تضمن الشفافية والالتزام.
الأمر يزداد تعقيدًا عندما يحاول المواطن الاستفسار عن موعد صرف الرديات.
إذ لا يُسمح بالمراجعة المباشرة للدائرة المعنية، ويُكتفى بموظف إرشاد يكرر العبارة المعتادة: "الدور قيد التنفيذ”. حتى إذا أُتيح الصرف، غالبًا ما تكون المبالغ مجزأة ولا تتجاوز 10 إلى 20%، ما يضيف مزيدًا من الإحباط ويضعف الثقة.
منذ متى أصبح المواطن غير قادر على مراجعة المؤسسات الخدمية بشكل مباشر وتكفل بالرد عليه موظف لا معلومة محددة لديه؟ إن عدم السماح للمواطنين بالتواصل المباشر مع الجهات المعنية يقلل من الشفافية. يجب أن تكون المراجعة حقًا مكفولًا للمواطن، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسائل تمس حقوقه المالية.
الرديات ليست مجرد إجراء مالي، بل هي مؤشر على العلاقة بين المواطن والضريبة، ومظهر من مظاهر الالتزام المتبادل.
تأخيرها لا يضر الأفراد فحسب، بل يمتد ليؤثر على الشركات الصغيرة، التي تحتاج هذه المبالغ لتسيير أعمالها في وقت حساس للاقتصاد الوطني.
اليوم، هناك حاجة ماسة إلى نظام أكثر شفافية وكفاءة، يُحدد مواعيد واضحة لصرف الرديات بعدالة وللجميع (وأنا أعني الجميع) ويقلل من التعقيدات البيروقراطية. الالتزام الضريبي لا يمكن أن يكون أحادي الجانب. إذا طُلب من المواطن الالتزام الفوري، وألا فرضت عليه غرامات، فإن على المؤسسة أن تكون قدوة في احترام حقوقه وصرف أمواله المستحقة دون تأخير.
الثقة بين الدولة والمواطن تُبنى على العدالة والالتزام المتبادل، وهذا ما يجب أن يكون نهج الجميع. ومن حق المواطن الذي التزم بتقديم الإقرار أن يحصل على ردّيّاته في وقت معلوم، وأكبر دليل على ذلك أن أي استفتاء يُجرى بين المواطنين حول مواعيد الرديات لن يقدم جوابًا واضحًا، مما يدل على غياب النظام الواضح والصريح في هذه العملية.