نيروز الإخبارية : بقلم عوني جدوع العبيدي.
إن الله خلق الإنسان، وخلق له الوجود فأنزله إلى الأرض ليعمرها ويستخرج كنوزها ويستنبط قوانينها فإليه عهدت عمارة الأرض بإسم الله وبمنهج الله . قال سبحانه: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) فقيمة الإنسان بقدر ما يحمل من تقوى وبما ينفع الناس بل إن أنفع الناس للناس أقربهم إلى الله فإماطة الأذى عن الطريق عمل أخلاقي إيجابي حضاري لكنه يدخل الجنة إذا كان مستمدا من دين الله والإيمان بالله .
إن دينا أعلاه لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق هو العامل الموحد وصانع الثقافة المشتركة بين جميع شعوب الأمة وهو الرسالة التي تحملها الأمة والتي تدفعها للأمام . وأن المسلم ليس مخيرا بين أن يحملها أو يتركها بل هو مسؤول عنها يوم القيامة وإن التجربة التاريخية مع هذه الأمة التي خرجت من جزيرة قاحلة إلى الأرض جميعا تقيم العدل وترفع الظلم وتبني الصروح العلمية وتحول أوروبا من قرون مظلمة إلى دروب منورة وإن جيوشها أخذت القسطنطينية شرقا وأجزاء من فرنسا غربا بعد أن أصبحت إسبانيا الأندلس والحضارة والعلم والبناء والإنسانية والرقي والإزدهار كل هذا جعلهم يجتمعون في سنة 1905 برئاسة رئيس الوزراء البريطاني وزعيم الأحرار كامبل بانرمان لدراسة مستقبل المنطقة العربية ضمت في عضويتها أساتذة جامعات في الإقتصاد والبترول والزراعة والتاريخ والإجتماع وشؤون الإستعمار كما ضمت رجالا عرفوا بخبرتهم السياسية وكان تشكيلها يضم جبهة من الدول الإستعمارية ( بريطانيا وبلجيكا وهولندا والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا ) وخرجت اللجنه بالنتائج التالية :
أولا : إن إزدهار الحضارات يكمن في البحر المتوسط فحوضه مهد الأديان والحضارات القديمة وفي شواطئه الجنوبية والشرقية خاصة يعيش شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ واللسان والآمال وكل مقومات التجمع والترابط والإتحاد وهو دائم الحركة والثورية وموطن الثروات وهمزة الوصل بين الشرق والغرب .
ثانيا : إن دخول الوسائل الفنية الحديثة ومخترعات الثورة الصناعية الأوروبية إلى المنطقة وإنتشار التعليم ودعم الثقافة يؤدي إلى إحلال الضربة القاضية بالإمبراطوريات الإستعمارية لذلك نقترح :
(تقسيم المنطقة إلى دول صغيرة وأن يورث بين بعضها البعض الخلاف قدر المستطاع وأن يحال بينها قدر الإمكان وبين رياح العلم وأن تعمق فيها التجزئة تعميقا بحيث تصبح وكأنها الشيئ الطبيعي ) .
ولتحقيق هذه الأهداف أوصت اللجنة :
(بوجوب العمل على فصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن جزئها الآسيوي : إن إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم ويربطهما معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة عدوة لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها هو التنفيذ العملي العاجل للوسائل والسبل المقترحة ).
وقامت إسرائيل لتحقق هذه الغايات وتفسر كل ما نرى ونعيش من سياسات ولم يكتفوا بتقسيمنا إلى دول صغيرة أو مشيخات بل أرادوا لنا تعظيم الزقق والحارات . فبعد الحرب العراقية مع نهاية القرن العشرين ومطلع الواحد والعشرين جاءت أمريكا بمشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على تفتيت المفتت وتقسيم المقسم وتجزئة المجزء في داخل القطر الواحد وانكفأنا بدلا من الإنطلاق إلى قومية عربية ومن ثم أمة إسلامية " الأمة الواحدة " نلملم أنفسنا في داخل الجماعة القطرية حيث تعظيم العشائر والجهويات والتفصيلات الجغرافية والطائفية والعرقية والإثنية والحزبية .
في زمن سكين سايكس بيكو ، ولدت الأردن ، ولدت بمعاناة وقرار ولم يكن فيها أمن ولا إستقرار وجاءت مجتزئة من دولة عربية كبرى موعودة . وعدت بها لندن ، وما أكثر ما وعدت وكذبت ، وعدت مرة وصدقت ، ولكن وعدها كان للصهيونية فصدقت معهم بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين ، قام للهاشميين في العراق والشام ممالك بعد أن كانوا حكام مكة ولم يبقى لهم إلا في الأردن مملكة.