من هضاب تعالات الفرسان نخوة ، من ترابٍ يورث العزّ، ومن سهلٍ تلمس فيه القلوب قبل الأيادي قبل الأكف، ومن خشافية الشوابكة، حيث يُغرس المجد في الجينات، ويُورّث الصدق والشرف كما يُورّث الاسم...
من بيتٍ عُرف بالوفاء والبداوة، بيت الحاج سالم الفلاح الشوابكة،
وفي ذلك البيت، وضعت الحاجة أمينة البركات الشوابكة ولدها،
لكنها لم تضع مجرد ابن...بل فارس
أهدته لهذا الوطن رجلًا من ذهب، وطودًا من ثبات، ووجهًا من نورٍ لا يخبو،
إنه الباشا جمال السالم الشوابكة – رحمه الله –
ابن مدرسة الهواشم، الجنديّ الذي حمل البندقية بيد، والمروءة في اليد الأخرى،
وجعل من خدمته للوطن عبادة، ومن الولاء للعرش الهاشمي شرفًا يُفاخر به.
كان جمال رجلًا يعرفه الناس من أثره قبل أن يعرفوه من اسمه،
تجتمع عليه القلوب كما يجتمع المطر على السهل،
تحبه الناس لأنه أحبهم بصدق،
ولم يكن يمرّ على أحدٍ إلا ترك في قلبه بصمةً من دفء،
ابتسامة تُطفئ الحزن، وكلمة تُصلح ذات البين، وروحًا لا تعرف الكبر.
كان بدويًّا في لغته وأفعاله،
كريمًا في حديثه، نقيًّا في سريرته،
إذا تحدّث، لامس الحرفُ القلوب،
وإذا ضحك، عمّ الفرح كل من حوله.
رحل، لكنه ما غاب،
ما زالت دواوين الأرادنة تذكره بالخير،
وما زال صدى ضحكته تتردّد في المجالس،
وما زال الناس إذا مرّ ذكره، قالوا:
رحمك الله يا جمال... كنت من طينةٍ لا تتكرّر.
وأنا، يا جمال، سأكتب لا لأنك غبت،
بل لأنك باقٍ في الذاكرة مثل أنشودة وفاء،
وسأكتب لا لأرثي جسدًا، بل لأُحيي سيرةً لا تموت،
سأكتب لأن القلم حين يمرّ على اسمك،
ينحني احترامًا لرجلٍ جمع بين النخوة والجندية، بين الحزم واللين، بين الحياء والمروءة.
أحبك جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله،
ليس لموقعك أو منصبك، بل لصدقك، وولائك، ورفعة خدمتك،
كنت من رجال الهواشم الأوفياء،
تحمل البزّة العسكرية كما يُحمل العلم،
وتصون العهد كما تُصان الروح،
وتقف بثباتٍ لا يتزحزح في وجه الظروف،
تؤدي واجبك بصمت، وتُعلّم من حولك كيف يكون الإخلاص للوطن..
يا جمال السالم الشوابكة،
رحلت عن الدنيا، لكنك تركت خلفك وجعًا يسكن القلوب،
وجرحًا نديًّا لا يُشفى،
وجميلًا لا يُنسى.
يقول زملاؤك في حين ذكرت اسمك:
يا قدر، أوجعتنا، نحاول ننسى جمال... لكن الروح تأبى ..
وقال الباشا فلاح وهو يسترجع المواقف:
يا قدر، تذكر يوم كان بأمريكا سنة 2006؟
الباشا جمال فزع لأردنيين ما يعرفهم، لأن النخوة كانت تسري في عروقه،
ما انتظر نداء، لأنه وُلد على الفزعة، وعاش على المرجلة، ومات عليها... رحمه الله ..
وقال فواز باشا بحرقة الحنين ...
يا قدر، البوريه الخمري حادّة على جمال...
ما ندري نعزّي الطيب يوم نذكره ، ولا نعزّي ذكره يوم الطيب يطريه ...
وعندما التقيت نجله محمد جمال سابقا عند احد الاصدقاء يحمل صفات والده جمال ويحمل عبق بسمة جمال..
وعندما هاتفته نبرة الحزن على والده طاغية
كم أنت عظيم يا جمال،
خلّفت حُبًّا لا يُمحى، وسيرةً لا تُنسى،
كنت جسرًا بين القلوب، وسلامًا في وجه العتب،
ما عرفناك إلا طيبًا، وما سمعنا عنك إلا جميلًا.
نم مطمئنًا يا فارس البداوة ،
يا من حملت شرف الجندية، ورفعة النسب، وصدق البداوة،