2025-12-05 - الجمعة
الشهيد الجندي أحمد عبد علي العربيات… قصة بطولة سطّرها أبناء السلط دفاعًا عن الوطن nayrouz "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر حالة عدم الاستقرار الجوي nayrouz "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة nayrouz لأكثر من 30 دولة.. ترمب يوسع حظر السفر إلى أمريكا nayrouz صورة نادرة للملك الحسين والمشير الكعابنة يرافقهما الأمير راشد وعدد من الضباط nayrouz المحكمة العليا الأميركية تسمح لولاية تكساس بإجراء انتخابات وفق الدوائر الجديدة nayrouz الصين تستضيف كأس آسيا للشباب تحت 20 عامًا 2027 nayrouz ترامب يعتزم الإعلان عن المرحلة الثانية من "اتفاق غزة" قبل عيد الميلاد nayrouz خمس طرق سريعة لإزالة الضباب عن زجاج السيارة الأمامي... تعرف عليها nayrouz تعرف على السنن المستحبة في يوم الجمعة nayrouz الشرطـة المجتمعيـة تنفذ حملـة توعوية في الباديـة الوسطى nayrouz الخارجية التركية تستدعي السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي...تفاصيل nayrouz الذهب يستقر قبل صدور بيانات أميركية مهمة nayrouz إعصار يضرب أقصى شرق روسيا متسببا في هطول ثلوج وأمطار غزيرة وحدوث فيضانات nayrouz ألمانيا تؤكد دعمها لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية nayrouz واشنطن تخطط لتوسيع حظر السفر ليشمل 30 دولة nayrouz حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم nayrouz القائد الأعلى للناتو : قادرون على التسبب في مشاكل لروسيا nayrouz برشلونة يستهدف صلابة دفاعية جديدة مع شلوتربيك nayrouz ميسي يؤكد: حتى لو لم اشارك سأتابع مونديال 2026 nayrouz
شكر على تعاز nayrouz قبيلة بني صخر عامة والسلمان الخريشا خاصة تشكر المُعزّين بوفاة المرحمة مني علي الرشيد زوجة المرحوم ممدوح خازر سلمان الخريشا ووالدة المحافظ حاكم ممدوح الخريشا nayrouz وفاة الرائد محمد قاسم الحراحشة.. nayrouz وفاة الحاج زهري محمود فلاح الجعافره " ابو صلاح" nayrouz وفاة الرائد محمد قاسم الحراحشة من الخدمات الطيبة nayrouz وفيات الأردن ليوم الخميس 4-12-2025 nayrouz شكرا على تعازي بوفاة المرحوم الحاج عبدالله غوري الغيالين الجبور nayrouz الحاج محمد المرعي العقله بني مصطفى " ابويوسف" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن ليوم الأربعاء 3-12-2025 nayrouz وفاة الحاجه رشيده رجا الغريب زوجة المرحوم علي الحردان nayrouz هيثم الوريكات العدوان يعزّي بوفاة والدة المحافظ حاكم الخريشا nayrouz نيروز الإخبارية تعزّي بوفاة والدة المحافظ حاكم ممدوح الخريشا nayrouz الجبور يعزّي بوفاة والدة الدكتور حاكم الخريشا. nayrouz وفاة الحاجة منى زوجة المرحوم ممدوح خازر السلمان الخريشا nayrouz وفاة الشاب هيثم محمد منصور الزبن " ابو محمد" nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 2-12-2025 nayrouz وفاة الشابة مثال محمد حفيدة المرحوم الحاج عبد القادر الحوري "ابو هايل" nayrouz رحيل الشيخة هيجر العدوان أم محمد يوجع القلوب nayrouz الحاج سليمان خلف المعايطة في ذمة الله nayrouz والدة النائب حابس سامي الفايز في ذمة الله nayrouz

محمود الحويان... صوت البادية وذاكرتها الحيّة

{clean_title}
نيروز الإخبارية :


قلّما يمرّ على الإعلام الأردني صوت يجمع بين صدق البداوة وعمق الثقافة مثل صوت محمود عودة بشير الحويان؛ ذلك الإعلامي والشاعر الذي حمل في نبراته دفء الصحراء ونقاءها، وجعل من الكلمة جسرًا يصل بين الماضي الأصيل والحاضر المتجدد. على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، شكّل الحويان أحد أبرز وجوه الإعلام التراثي في الأردن، فكان صوت البادية ولسانها الصادق، وذاكرةً تحفظ حكاياتها وقصائدها وقيمها.

وُلد محمود الحويان في منطقة أم الحيران عام 1944، وفي طفولته المبكرة واجه محنة اليُتم إذ فقد والده وهو لم يتجاوز الثلاثة أشهر. احتضنه خاله الشيخ عايش بن رجا الحويان، وربّاه على قيم الكرم والشهامة والإيثار التي تشتهر بها القبائل الأردنية. كانت البيئة البدوية التي نشأ فيها مهدًا لتكوينه الثقافي، إذ اعتاد منذ صغره حضور مجالس الشيوخ والعلماء والشعراء، فشبَّ عاشقًا للتراث وحافظًا للشعر النبطي وأخبار القبائل.

أكمل الحويان دراسته الثانوية في كلية الحسين عام 1965، لكن ضيق الحال في ذلك الوقت حال دون استكماله للدراسة الجامعية. بدأ مسيرته العملية كاتبًا في إحدى الصحف المحلية، قبل أن يلتحق بدائرة الإحصاءات العامة عام 1966. غير أن أحداث عام 1967، وما رافقها من احتلال الضفة الغربية، دفعته إلى ترك عمله والبحث عن مجال جديد يعبّر فيه عن اهتمامه بالثقافة والتراث.

كانت الإذاعة الأردنية آنذاك منبرًا وطنيًا يتلمّس طريقه في رسم ملامح الشخصية الأردنية الأصيلة. وفي عام 1968 التحق محمود الحويان بالإذاعة، حيث لفتت موهبته وصدقه في الحديث باللهجة البدوية انتباه المسؤولين، ومنهم الشاعر عبد الرحيم عمر، الذي كان يشغل منصب مدير البرامج. وجد فيه عبد الرحيم عمر صوتًا صادقًا قادرًا على نقل بيئة البادية إلى أثير الإذاعة، فكلّفه بتقديم برنامج "أدب البادية" خلفًا للأديب الراحل رشيد الكيلاني.

كان البرنامج نافذة فريدة على التراث الشعبي، يوثّق الشعر النبطي والحكايات والأمثال والعادات البدوية الأصيلة، وقد استطاع الحويان أن يمنحه أسلوبًا خاصًا قائمًا على التوثيق الميداني واللغة الصادقة التي تصل إلى المستمع دون تكلّف. ومع مرور الوقت، أصبح صوته مألوفًا في كل بيت، ومصدر فخر لكل من ينتمي إلى بادية الأردن.

مع تأسيس مؤسسة التلفزيون الأردني، كان محمود الحويان من أوائل الإعلاميين الذين انتقلوا من الميكروفون إلى الكاميرا، مؤمنًا بأن الصورة قادرة على توثيق ما تعجز الكلمات أحيانًا عن نقله. قدّم عبر الشاشة مجموعة من البرامج التي أصبحت جزءًا من الذاكرة البصرية الأردنية، من أبرزها:
برنامج "جولة في البادية"، الذي جاب من خلاله القرى والبوادي لتصوير العادات والتقاليد والكرم البدوي في أبهى صوره.
برنامج "لحن البوادي"، الذي جمع فيه بين الشعر والغناء الشعبي ليقدّم لوحة فنية توثق الإبداع البدوي بأصالته وبساطته.
برنامج "المضافة"، الذي استضاف فيه شخصيات وطنية واجتماعية في أجواء تشبه المضافة البدوية الأصيلة، يجري فيها الحوار بعفوية تحاكي دفء المجالس القديمة.

تميّز الحويان في برامجه بالبساطة والعمق معًا، فكان قريبًا من الناس، يتحدث بلغتهم، ويقدّم قيم البادية كما هي: الصدق، الكرم، الوفاء، وحماية الجار والدخيل.

لم يتوقف عطاؤه عند حدود التقديم الإذاعي والتلفزيوني؛ إذ شارك في عدد من المسلسلات البدوية التي شكّلت علامة بارزة في الدراما الأردنية، من أبرزها:
"وضحا وابن عجلان"
"جلوة راكان"
وغيرها من الأعمال التي ساهمت في ترسيخ الدراما البدوية كهوية فنية أردنية متميزة.
كان وجوده في هذه المسلسلات طبيعيًا، لأنه لم يكن يؤدي دورًا تمثيليًا فحسب، بل كان ينقل من عمق تجربته ومعرفته باللهجة والعادات تفاصيل الحياة البدوية على حقيقتها.

أما في الشعر، فقد برع في نظم القصيدة النبطية، وجمع بين جزالة اللفظ وصدق المعنى. كان شعره امتدادًا لصوت البادية الذي لا يخبو، وميدانًا للتعبير عن مشاعر الانتماء والفروسية، وعن القيم التي تربى عليها في طفولته الأولى.

بجانب عمله الإعلامي، كان الحويان باحثًا دؤوبًا في التراث الشعبي، يوثّق القصص الشفوية والقصائد القديمة، ويهتم بتدوين تاريخ القبائل وأشعارها، مؤمنًا بأن التراث ليس ماضيًا يُروى، بل هو هويةٌ تُصان وتُورَّث. امتاز أسلوبه بالصدق الميداني، إذ كان يجوب القرى والبوادي بنفسه ليستمع إلى الرواة، ويوثّق القصائد والأمثال قبل أن يطويها النسيان.

ومن إسهاماته البارزة في حفظ التراث الشعبي الأردني، أنّه أنشأ فرقة "المهابيش”، وهي فرقة فنية متخصّصة في تقديم الفنون التراثية بأسلوب يجمع بين الأصالة والحداثة. اعتمدت الفرقة على إيقاع صوت المهباش كعنصر رئيسي في عروضها، في تناغم جميل مع الأداء الموسيقي والغناء البدوي، لتقدّم مشهدًا فنيًا يعكس روح البادية الأردنية ونبضها الأصيل.

جاء تأسيس الفرقة بدعم من أمانة عمّان الكبرى التي رأت في هذا المشروع وسيلةً لإحياء الموروث الشعبي وتقديمه للأجيال الجديدة بأسلوب فني راقٍ.
شاركت الفرقة في عدد من المهرجانات الوطنية، من أبرزها مهرجان جرش للثقافة والفنون، كما مثّلت الأردن في عدد من المهرجانات الدولية التي حملت تراث البادية إلى خارج الحدود، ومن أبرزها مهرجان هانوفر في ألمانيا، حيث قدّمت عروضًا لاقت إعجاب الجمهور الأوروبي بما حملته من صدق الأداء وثراء الإيقاع البدوي الأصيل.

وكان من بين أعضاء الفرقة الفنان علي فاضل الجراح، الذي أضفى بحضوره وأدائه بعدًا فنيًا مميزًا زاد من تفرّد الفرقة وتأثيرها.

على مدى أكثر من اثنين وثلاثين عامًا في الإذاعة والتلفزيون، ظلّ محمود الحويان مثالًا للمهنية والالتزام، محبوبًا من زملائه ومستمعيه على حد سواء. جمع في شخصه بين هيبة الإعلامي ووداعة الإنسان، وبين فصاحة الشاعر وبساطة البدوي.

بعد تقاعده، واصل نشاطه الأدبي والإعلامي، وشارك في الندوات والمهرجانات الثقافية، محافظًا على صلته بجمهوره العريض داخل الأردن وخارجه، ولا سيما في أوساط عشّاق الشعر النبطي والبرامج التراثية.

في شهر تشرين الثاني من عام 2003، ترجل محمود الحويان بصمت، بعد حياة حافلة بالعطاء والوفاء للكلمة وللناس. رحل جسدًا، لكن صوته بقي حيًا في ذاكرة من استمعوا إليه عبر الأثير وشاهدوه على الشاشة. ترك وراءه إرثًا إعلاميًا وشعريًا يخلّد صورة البادية الأردنية في أنقى صورها، وصوتًا ظلّ صادقًا مع ذاته ومع تراثه حتى آخر لحظة.

لقد كان محمود الحويان أكثر من إعلامي؛ كان ضمير البادية، وحارس لغتها، وراوي قصصها، وأحد الذين أسهموا في حفظ هوية الأردن الثقافية من النسيان.
عماد الشبار