الإعلامي محمد قدري حسن أحد أعمدة الاعلام الرياضي الاردني الراسخة وصوته الموثوق عبر أكثر من أربعة عقود من العطاء. لم يكن حضوره مقتصرًا على شاشة التلفزيون أو صفحات الصحف، بل شكّل حالة متكاملة من الالتزام المهني والقدرة على الجمع بين التوثيق والتحليل والنقل المباشر للأحداث، حتى غدا جزءًا من ذاكرة الرياضة الأردنية.
وُلد محمد قدري حسن في عمان يوم 24 آذار 1960، وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي وجد طريقه إلى بلاط صاحبة الجلالة عبر الصحافة الرياضية. بدأ محررًا في القسم الرياضي بصحيفة الأخبار، ثم انتقل إلى صحيفة الدستور التي عمل فيها ما بين عامي 1979 و1992، حيث صقل تجربته الأولى في التعامل مع الكلمة المكتوبة ونقل نبض الملاعب.
لم يقتصر دوره على العمل المكتبي، بل كان دائم الحضور في الميدان. تولّى مواقع مهمة في صحف رياضية أسبوعية ويومية مثل الميدان الرياضي، الأسواق، العرب اليوم، الوحدات الرياضي، وصحيفة جويل، التي عُرفت كأول صحيفة رياضية يومية في الأردن. هذا التنقل أتاح له الاطلاع الواسع والتجربة المتنوعة التي انعكست لاحقًا على أدائه التلفزيوني.
مع بداية الثمانينيات، التحق محمد قدري حسن بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، وهناك وجد مساحته الأرحب للتأثير. برز كمذيع ومعدّ لبرامج رياضية، من أبرزها برنامج المجلة الرياضية الذي تابعه جمهور واسع عبر القناة الرياضية الأردنية. كما عُرف كمذيع ميداني ومعلق على المباريات، يتميز بلغته الرصينة وصوته القوي وقدرته على رسم صورة دقيقة للمشاهد عبر الأثير.
إلى جانب التلفزيون الأردني، عمل أيضًا مراسلًا لعدد من القنوات الفضائية العربية، وفي مقدمتها قناة MBC، فضلًا عن مساهماته مع وكالات الأنباء والصحف العربية، ما جعله جسرًا يربط الرياضة الأردنية بمحيطها العربي.
بفعل خبرته وسمعته المهنية، تقلّد محمد قدري حسن مواقع قيادية في الإعلام الرياضي، حيث يشغل منصب أمين عام الاتحاد الأردني للإعلام الرياضي، إلى جانب كونه أمين عام هيئة رواد الحركة الرياضية والشبابية والناطق الإعلامي لها. هذه المواقع جعلت منه ليس فقط ناقلًا للحدث، بل صانعًا للسياسات الإعلامية الرياضية ومساهمًا في تنظيم المهنة.
لم يغب عن عيون المتابعين وزملاء المهنة ما قدمه من جهود، فقد كرّمته جهات عدة، منها رابطة اللاعبين الأردنيين الدوليين الثقافية تقديرًا لعطائه الطويل. كما اعتبره جمهور الرياضة الأردنية واحدًا من أبرز الإعلاميين الذين واكبوا إنجازات المنتخبات والأندية على حد سواء.
خلال السنوات الأخيرة، واجه الإعلامي القدير تحديات صحية بعدما أجرى عملية جراحية في مدينة الحسين الطبية، وهو يعاني من مرض باركنسون. وقد لقي التفاتة لافتة حين بادر سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للاطمئنان على صحته، في لفتة إنسانية تعكس ما يحظى به من احترام وتقدير رسمي وشعبي.
منذ عام 1977 وحتى اليوم، ما يزال محمد قدري حسن يمثل نموذجًا للإعلامي الذي لم تحجبه أضواء الشهرة عن رسالته الأساسية: نقل الحقيقة الرياضية إلى الناس بموضوعية ومهنية. لقد ساهم في أرشفة لحظات مهمة من مسيرة الرياضة الأردنية والعربية، وكان شاهدًا حيًا على تطور اللعبة في العقود الماضية.
خلاصة القول إن محمد قدري حسن يمثل نموذجًا للإعلامي المتكامل، الذي جمع بين الصحافة الميدانية والتحرير والإنتاج التلفزيوني، محافظًا على التوازن بين المهنية العالية والبعد الإنساني، ليُسجَّل اسمه ضمن أبرز أعلام الإعلام الرياضي الأردني.