في ذاكرة الأردن أسماء لا تغيب، ورجال كتبوا بدمائهم ملامح الطريق. ومن بين هؤلاء يعلو اسم الشهيد محمد سالم عبدالله الرقاد، جندي أول في كتيبة الدبابات 3، واحد من أبناء الجيش العربي الذين اختاروا مواقع النار قبل مواقع الراحة، ووقفوا في وجه جيش كامل بثبات لا يعرف التراجع.
كان من رجال الدروع الذين اعتادوا أن يكونوا في مقدمة الصفوف، أول من يواجه الخطر وآخر من يغادر الميدان.
في صباح الحادي والعشرين من آذار عام 1968، يوم الكرامة الخالد، كان محمد في قلب الاشتباك. تقدمت دبابته مع رفاقه إلى خطوط المواجهة الأولى، تدفع عنها هجوم آليات معادية حاولت اختراق الضفة الشرقية، بينما كانت النيران تتقاطع فوق رؤوسهم من كل اتجاه.
قاتل محمد مع طاقمه حتى آخر لحظة. ظل ممسكاً بموقعه داخل الدبابة، يواصل الرماية، يبدل الاتجاهات، ويوجه نيرانه بقلب ثابت رغم كثافة القصف. وفي ذروة المواجهة، أصيبت دبابته إصابة مباشرة بعد تبادل طويل وعنيف من النار، فارتقى شهيداً في لحظة تشهد على شجاعته. مضى وهو يؤدي واجبه كاملاً، لا يتراجع ولا ينحني، مؤمناً أن خلفه وطن كامل يستحق أن تبذل لأجله الأرواح.
لم يكن مجرد رقم في قائمة الشهداء، بل كان روحاً حملت معنى البطولة كما يجب أن يكون. بقي اسمه في سجلات الجيش العربي وذاكرة رفاقه، وبقي حاضراً في كل بيت أردني يعرف أن الأمن الذي نعيشه اليوم صاغه رجال كهذا الشهيد.
رحم الله الشهيد محمد سالم عبدالله الرقاد، وجعل مقامه في عليين. التحية لروحه، ولأهله، ولكل شهيد ارتقى دفاعاً عن الأردن. إنهم صناع الكبرياء الحقيقيون، وأصحاب الفضل الذي لا ينسى.