في صباح الأول من كانون الأول لعام 2025، استيقظت الدبلوماسية الأردنية على خبر حمل الكثير من الفخر والاعتزاز: ترقية ثروة حمد النعيمات العبادي إلى درجة سفير.
قد يبدو الخبر اعتياديًا في ظاهره، لكن السرد الحقيقي لحياة هذه الدبلوماسية المخضرمة يكشف أن ما تحقق لم يكن مجرّد قرار، بل تتويج لمسيرة امتدت لأكثر من عقدين من العمل الصامت، المخلص، والدؤوب.
بداية الحكاية
في عام 2000، دخلت ثروة النعيمات أبواب وزارة الخارجية ملحقًا دبلوماسيًا. شابة تحمل طموحًا أكبر من عمرها، وإيمانًا بأن الأردن يستحق أن يُمثَّل بأفضل صورة أمام العالم.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحًا أنها لا تسعى إلى منصب، بل إلى رسالة… رسالة اسمها الأردن.
من طوكيو إلى فيينا… العالم محطة بعد أخرى
تقول السيرة إن النعيمات عملت في طوكيو، وفيينا، ومكسيكو سيتي، وبوخارست.
لكن الحقيقة أن كل مدينة من هذه المدن كانت فصلًا من فصول قصة امرأة واجهت تحديات العمل الدبلوماسي بلغة العالم:
حيث حملت الأردن في الاجتماعات الدولية، ووقفت باسم المملكة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، وكانت دومًا "نائبة السفير" التي يُعتمد عليها.
امرأة صنعت حضورها بصمت
لم تكن ثروة النعيمات ممن يتصدرون العناوين أو يبحثون عن الضوء.
لكنها كانت دائمًا المرأة التي تصل قبل الجميع، وتغادر بعدهم.
امرأة لا تحتاج أن تقول الكثير، لأن إنجازاتها كانت تتحدث عنها.
في مديرية شؤون المغتربين، تركت بصمة واضحة؛ في الإدارة، في بناء العلاقات، وفي إعادة تشكيل طرق التعامل مع أبناء الوطن في الخارج.
من يعرفها عن قرب يصفها بأنها دبلوماسية هادئة، ولكنها صلبة كالجبل عندما يتعلّق الأمر بالوطن.
التكريم الأرفع… والاعتراف الأجمل
عام 2024، منحها جلالة الملك عبدالله الثاني وسام الاستقلال من الدرجة الأولى.
كان ذلك الاعتراف الرسمي بسنوات طويلة من الجهد، وبأن الأردن يرى ويسجّل.
واليوم، تأتي ترقيتها إلى درجة سفير لتقول إن المسيرة لم تكن ناجحة فقط، بل كانت استثنائية.
أول سفيرة عبادية… فخرٌ يتجاوز المنصب
لم تكن الترقية مجرد انتقال رتبي، بل لحظة تاريخية للعشائر الأردنية، إذ أصبحت ثروة النعيمات أول سفيرة عبادية في تاريخ المملكة.
لحظة امتزج فيها الفخر العائلي بالفخر الوطني، فالنجاح هنا ليس لشخص واحد، بل يعود صداه إلى مجتمع كامل يؤمن بالعلم، والعمل، والإنجاز.
خاتمة الحكاية… أم بداية جديدة؟
اليوم، بينما تتلقى السفيرة ثروة النعيمات التهاني من محبيها، ومن أبناء النعيمات وعباد، ومن كل أردني يشعر بالفخر، تبدو قصتها وكأنها تصل إلى ذروة جديدة…
لكن الحقيقة أن هذه ليست النهاية.
فنساؤنا حين يصلن، لا يتوقفن؛ بل يفتحن أبوابًا جديدة لمن يأتي بعدهن.
ثروة النعيمات ليست مجرد سفيرة جديدة، بل سردية نجاح أردنية خالصة…
امرأة حملت الأردن على كتفيها، فحملها الأردنيون اليوم في قلوبهم.