على امتداد أكثر من خمسةٍ وعشرين عامًا، استطاعت الإعلامية الأردنية رولا محمد لطفي النجمي أن تُرسّخ حضورها في المشهد الإعلامي الأردني والعربي، بصوتها وأدائها وقدرتها على التنوع في مجالات إعلامية دقيقة، امتدت من إعداد وتقديم نشرات الأخبار والبرامج التلفزيونية والإذاعية، إلى الدبلجة والتمثيل الصوتي وغناء الأطفال، وصولًا إلى الاستشارات الإنتاجية في مجال صناعة الأفلام الوثائقية. عُرفت رولا بأنها مذيعة تمتلك الحسّ المهني العميق، تجمع بين الخبرة والموهبة، وبين القدرة على مخاطبة الوجدان وصدق الأداء، ما جعلها من الأصوات التي رسخت في ذاكرة المستمع والمشاهد على مدى سنوات.
وُلدت النجمي ونشأت في المملكة العربية السعودية منذ سن الرابعة، وهناك بدأت ملامح موهبتها في الظهور مبكرًا، من خلال مشاركتها في احتفالات الروضة بالعروض المسرحية والغناء وإلقاء الشعر والاستعراض أمام الجمهور، ما منحها ثقة عالية بالحضور منذ الطفولة. عشقت الميكروفون والراديو مبكرًا، وكانت تقضي وقتها في المدرسة تستمع إلى إذاعة مونتي كارلو، ثم بدأت بتسجيل برامج إذاعية من إعدادها وتقديمها على أشرطة الكاسيت، تؤدي فيها دور مذيعة الأخبار، وتمثل المشاهد الدرامية بجميع شخصياتها، وتضيف فواصل غنائية من صوتها، في صورة طفولية مدهشة تعكس شغفًا أصيلًا بالإعلام سبق التخصص والدراسة.
لم يقتصر شغفها على الإذاعة، بل امتد إلى الموسيقى، حيث تعلمت العزف على آلة البيانو والكمان، وبدأت تهتم بالغناء، وشاركت في مهرجان غنائي للهواة محققة مراكز متقدمة، ما عزز حضورها الصوتي ومكّنها من توظيف موهبتها في الأداء. لاحقًا، بدأت رحلتها في عالم الدبلجة والتمثيل الصوتي، وقدمت مئات الساعات من الأعمال الصوتية عبر قنوات عربية مختلفة. ومن أبرز أعمالها في الرسوم المتحركة والمسلسلات الصوتية: سيدة القصر، العم ألبرتو، الأميرة فيروز، أبناء زيركوس، كوكو ماما، الأمير والفقير، أصدقاء المدرسة، فرقة موزارت، أبطال كرة السلة، فرشاة ومعجون، حكايات مشمشة. كما أدّت بصوتها عددًا من الأناشيد الموجهة للأطفال، من أبرزها: يا قبسًا من نور، العمل سلاح وعبادة، هيا نشدو، نجوب في الأمصار، وهي أعمال تركت بصمة تربوية في ذاكرة جيل كامل من الأطفال.
في مجال الوثائقيات، شاركت النجمي في دبلجة أعمال مهمة، منها: ماذا لو كانت الأرض فريدة؟، بوابة الصين إلى أوروبا: طريق الحرير الجديد، ترامب وبوتين: أصدقاء أم أعداء؟، إلى جانب عشرات الأعمال الوثائقية الأخرى. كما جسدت شخصيات أدبية خالدة عبر الأداء الصوتي، من أهمها دور آنا في رواية آنا كارنينا لليو تولستوي، وأدوار في شبح كانترفيل، ومروحة الليدي وندرمير لأوسكار وايلد، حيث تمكنت من توظيف صوتها بطريقة درامية تحاكي النص الأدبي وتُعيد إحياء الشخصيات.
بدأت رحلتها المهنية في التلفزيون الأردني عام 2000، حيث ظهرت على شاشة الوطن في نشرات الأخبار الرئيسية، وقدّمت تقارير ميدانية خلال مهرجان الأطفال السابع عشر، ومهرجان أغنية الطفل العربي، إضافة إلى تقديم "فوازير رمضان" بتجربة ترفيهية محببة لدى الجمهور. وفي عام 2002، انتقلت لتقديم تقارير يومية لقناة دبي الفضائية خلال مهرجان دبي للتسوق، قبل أن تصبح واحدة من أبرز الأصوات الإذاعية في "فن إف إم" من 2004 حتى 2010، حيث أمتعت المستمعين ببرامج منوعة أبرزها: "على هواكم"، "ذهب على الطريق"، "ستار إكسبرس" لاكتشاف المواهب الغنائية، إلى جانب تقديم الأخبار، الإعلانات والترويجات الإذاعية. واصلت حضورها في إذاعة JBC عام 2010 كمذيعة أخبار، ثم انتقلت إلى شبكة أوربت الإعلامية، في برنامج "عيون بيروت"، حيث قدّمت تقارير متخصصة بالفن والسياحة. لاحقًا، ظهرت على قناة الفلوجة الفضائية كمذيعة أخبار ومغطية للأحداث.
ومنذ سبتمبر 2021، تعمل النجمي في إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية كمذيعة ومحررة ومعدة برامج، وقدمت مجموعة من البرامج الثقافية والإنسانية التي تميزت بعمقها ومحتواها النوعي، من أبرزها: "راحلون" بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، "شرفات الصباح"، "مملكة الزمن"، "بين السطور"، "حكاية مدينة"، إضافة إلى تسجيل الترويجات والإعلانات الخاصة بالإذاعة.
على المستوى الإبداعي والإنتاجي، تولت النجمي دور مستشارة الإنتاج الإعلامي والإبداعي لدى الشركة السعودية "بير كاوتش" لصناعة الأفلام، حيث ساهمت في تطوير النصوص، اختيار الممثلين، إدارة المشاريع، وتقديم الاستشارات الفنية، بما يجمع بين الرؤية الإبداعية والجدوى التجارية، من خلال التعاون مع الكُتّاب والمخرجين في مجالات السيناريو والتخطيط والإنتاج والتوزيع.
تمتلك رولا معرفة أكاديمية في المختبرات والتحاليل الطبية من جامعة العلوم التطبيقية عام 2003، إلا أن عشقها للإعلام قادها إلى تطوير مسيرتها عبر سلسلة من الدورات الاحترافية في صحافة الموبايل، التفكير والإبداع، تخطيط وتنظيم العمل، الذكاء الاصطناعي، فن الإلقاء والتقديم، البودكاست، التسويق والعلاقات العامة، إضافة إلى شهادة دبلوم دولي في تعزيز مهارات القيادة في غرف الأخبار ضمن برنامج WIN التابع للمنظمة العالمية لناشري الأخبار WAN-IFRA.
وهي عضو في نقابة الصحفيين الأردنيين، وعضو في جمعية المذيعين الأردنيين، وتتمتع بمهارات عالية في الإعداد والتقديم الإذاعي والتلفزيوني، التمثيل الصوتي المتعدد، الغناء للأطفال، وإنتاج المحتوى الإعلامي بأسلوب جذاب. إلى جانب ذلك، تمتلك القدرة على التواصل، العمل ضمن فريق، وإدارة الوقت بكفاءة عالية.
رولا النجمي، التي تقول عن نفسها إنها «عاشقة الميكروفون»، اعتبرت أن الصوت رسالة، وأن الإعلام الحقيقي هو القدرة على الوصول إلى الإنسان قبل الوصول إلى الهواء، وتؤمن أن التطوير المستمر هو ما يُبقي صوت الإعلامي حاضرًا حتى بعد انقطاعه عن البث. وبين الطفولة التي عرفت المسرح والمايكروفون، والشباب الذي شهد أولى خطواتها على شاشة التلفزيون الأردني، واليوم الذي يواكب تجربتها الناضجة في الإذاعة والدبلجة والإنتاج، تظهر النجمي نموذجًا للإعلامية التي لا تنطفئ مهما تغيّرت المنصات.