داود حميدان – الفنان التشكيلي كمال ياسين ليس مجرد رسام، بل مسيرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، بدأت بخطوط رصاص بسيطة على كرتون هندسي، وتحولت إلى لوحات زيتية وجدران تنبض بالحياة، وتُجسّد ذاكرة المكان وروح المجتمع.
البدايات… رصاص وفحم وصورة للأم
يقول ياسين إن ما قبل عام 1985 كان مرحلة تأسيسية اعتمد خلالها على أقلام الرصاص والفحم، قبل أن ينتقل إلى الألوان الزيتية والرسم على ألواح خشبية.
ويستذكر أول عمل فني له، وكان لوحة لوالدته – رحمها الله – والتي يعتبرها الشرارة الأولى لانطلاق مسيرته الفنية.
المدرسة السريانية والتصويرية… ووعي التكوين
اعتمد ياسين خلال مسيرته على المدرسة السريانية والتصويرية، مركّزًا على التجربة والسفر والاحتكاك بالفنانين في الأردن ومصر وسوريا، ما منح أعماله نضجًا بصريًا وأسلوبًا متفردًا.
1990 – 1991… مسرح ومعرض وولادة اسم
شارك عام 1990 ضمن مجموعة من الفنانين في مسرح مدرسة الشاملة للبنات – العقبة، قبل أن يقيم عام 1991 أول معرض شخصي له في مجمع بنك الإسكان في عمّان، تحت رعاية وزير السياحة والآثار آنذاك، وبحضور رئيس الوزراء الأسبق عبدالكريم الكباريتي.
واحتوى المعرض 36 لوحة تناولت مواقع سياحية وأثرية من مختلف محافظات المملكة.
أسلوب عمل دقيق… وخطوط أولى لا يُستهان بها
يؤكد الفنان أن نجاح لوحته يبدأ من تحديد الخطوط الأولية بدقة، ومنح كل عمل فني الوقت الكافي لإنجازه، مع استخدام خامات عالية الجودة.
ويضيف أنه يعتمد منذ أكثر من عشرين عامًا على ألوان من شركة "ناشيونال"، ويستخدمها لكونها ألوانًا مميزة ذات جودة عالية وثبات واضح يجعل العمل أكثر قوة وحضورًا على المدى الطويل.
من اللوحة إلى الجدارية… مساحة أكبر ورسالة أعمق
مع الوقت اكتشف ياسين أن شخصيته تتفتح أكثر في عالم الجداريات؛ فالمساحة الواسعة والقدرة على ترك أثر بصري دائم جعلته يرى الجدارية ليست مجرد رسمة، بل رسالة فنية وتجميلية للمكان.
ويشرح أن الفرق بين اللوحة والجدارية يشمل الحجم، المكان، الديمومة، والمرونة؛ فاللوحة تُنقل وتُعلق، أما الجدارية تصبح جزءًا من الجدار وتُغيّر هوية المكان بالكامل.
معارض وفنادق ومراكز… والفن يغيّر وجه المدينة
أقام ياسين عدة معارض في فنادق بالعقبة ومراكز ثقافية وجمعيات، ورسم جداريات في المدارس والفنادق والمراكز، ما أسهم في تجميل المدينة وتحريك المشهد الفني والسياحي.
مدرب منذ 1991… رسالة وطنية ومسؤولية مجتمعية
يرى الفنان أن الفن ليس موهبة فقط، بل واجب وطني؛ فمنذ عام 1991 وهو يعمل على تدريب اليافعين واليافعات في:
الرسم
الخط العربي
تعبئة الرمل الملوّن
وذلك عبر المراكز والجمعيات والمدارس، بهدف تنمية المواهب، تحسين الخط العربي، وإحياء التراث الأردني.
أساسيات يعلّمها… وفلسفة يزرعها
يحرص ياسين في تدريبه على تعليم:
الظل والضوء
الأشكال الهندسية
الأبعاد الثلاثية
مزج الألوان
كيفية استخدام الأدوات باحتراف
ويجمع بين تدريب المجموعة ومتابعة كل متدرب حسب مستواه، إذ يبدأ أغلبهم بمستوى الورقة وقلم الرصاص، ثم يتقدمون إلى الألوان الخشبية فألوان الأكريليك على "الكانفس".
كورونا… أصعب الأعوام
يقول ياسين إن فترة جائحة كورونا كانت الأصعب في مسيرته، لكنها زادته إصرارًا على الاستمرار، وأن النقد البنّاء كان دوماً دافعه للتطور، بينما تجاهل النقد الهدّام تمامًا.
الفن رسالة… والوعي ضرورة
يؤمن كمال ياسين بأن الفن التشكيلي قادر على:
بناء الوعي بالقضايا المجتمعية
تحفيز التفكير النقدي
تغيير الآراء
تعزيز التماسك الثقافي
ويختم رسالته للشباب:
"الفن يحتاج شغفًا صادقًا وحبًا حقيقيًا. الالتزام هو الطريق الوحيد للاستمرار."