برزت عبير الزبن كإحدى الشخصيات البارزة في التلفزيون الأردني، محققة حضورًا مميزًا امتد على مدار عقود، ما جعلها واحدة من أبرز الإعلاميات اللواتي قدمن نموذجًا يجمع بين المهنية، الانضباط، والقدرة على إدارة الحوار بوضوح ورصانة. منذ بداياتها الأولى، لم يقتصر عملها على قراءة الأخبار وتقديمها، بل شمل إعداد البرامج والتحرير، ما منحها خبرة متكاملة في العمل الإعلامي، وساهم في صقل مهاراتها في الحوار والتواصل مع الجمهور.
وُلدت عبير متعب الزبن في العاصمة الأردنية عمان حوالي عام 1976، درست في الجامعة الأردنية تخصص تربية الطفل، وهو ما منحها قاعدة معرفية إنسانية واجتماعية ساعدتها على التعامل مع المواضيع المختلفة التي تغطيها برامجها. ومع انتقالها إلى المجال الإعلامي، استطاعت دمج هذه الخلفية العلمية مع الحس الإعلامي والقدرة على إدارة الحوار السياسي والاجتماعي، وهو ما ميز برامجها لاحقًا.
بدأت مسيرتها في التلفزيون الأردني، حيث عملت في البداية في قراءة الأخبار والتحرير الصحفي، قبل أن تتجه نحو تقديم البرامج الحوارية السياسية والاجتماعية، لتبرز كإعلامية ذات حضور رصين وحوار موضوعي. وقد أكسبها هذا التدرج في العمل الإعلامي فهمًا عميقًا لأدوات الإعلام المختلفة، وساعدها على توظيف الخبرة في إدارة الحوار مع الشخصيات الرسمية والضيوف في البرامج الحوارية.
من أبرز أعمالها برنامج "ستون دقيقة”، الذي قدمته لأكثر من عشر سنوات على شاشة التلفزيون الأردني. تميز البرنامج بأسلوبه العميق، واستضاف شخصيات سياسية وأكاديمية ومجتمعية، ما جعل البرنامج منصة حقيقية للحوار الموضوعي والنقاش الواعي، بعيدًا عن السطحية أو الإثارة الإعلامية. وقد أصبحت عبير الزبن، من خلال هذا البرنامج، واحدة من الأصوات المؤثرة في الإعلام الأردني، إذ استطاعت الجمع بين الجرأة في طرح الأسئلة، والرصانة في إدارة الحوار، والقدرة على تفكيك الملفات المعقدة أمام المشاهدين بطريقة سلسة ومفهومة.
لم يقتصر تأثيرها على الشاشة المحلية فحسب، بل امتد إلى الإعلام العربي، حيث عملت كـ مراسلة لقناة العربية من عمان، ثم انتقلت للعمل في تلفزيون قطر، قبل أن تعود إلى التلفزيون الأردني لتواصل مسيرتها الطويلة. هذه التجارب المختلفة أضافت إلى خبرتها الإعلامية بعدًا عربيًا، وأكسبتها فهمًا متقدمًا لديناميكيات الإعلام الإقليمي، وأساليب نقل الخبر والتغطية السياسية والاجتماعية بموضوعية واحترافية.
على مدار نحو عشرين عامًا من العمل المتواصل، أسهمت عبير الزبن في صياغة نمط جديد من البرامج الحوارية الأردنية، مبنية على التحضير المكثف، ودراسة الملف قبل اللقاء، والاستماع المتأنّي للضيف، وتقديم السؤال الصحيح في الوقت المناسب. هذه المنهجية جعلت منها إعلامية محترفة، يحترمها الضيوف والمشاهدون على حد سواء، وتمكنت من ترك بصمة واضحة في ذاكرة الشاشة الأردنية.
في عام 2021، أعلنت عبير الزبن استقالتها من التلفزيون الأردني، منهية مرحلة طويلة من العطاء الإعلامي، لكنها تركت إرثًا غنيًا من البرامج الحوارية والتغطيات المتميزة، وبصمة إعلامية واضحة في صياغة الأسلوب المهني للحوار السياسي والاجتماعي في الأردن. وعلى الرغم من انتهاء فترة عملها الرسمي، إلا أن صوتها وأسلوبها لا يزالان مرجعًا للإعلاميين والصحفيين الشباب الذين يسعون إلى تعلم فنون الحوار وإدارة البرامج التلفزيونية.
تميزت الزبن أيضًا بقدرتها على موازنة الأداء الإعلامي مع الحس الاجتماعي والسياسي، إذ اهتمت دائمًا بأن تكون برامجها مساحة للنقاش الهادئ والمستنير، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، مع التركيز على القضايا الوطنية والموضوعات التي تهم المواطن الأردني. هذه المقاربة أكسبتها احترام المتابعين، وميزتها عن كثير من زميلاتها في التلفزيون الأردني، وجعلها نموذجًا يحتذى به في الإعلام النسائي المحلي.
إلى جانب مهاراتها الإعلامية، عملت عبير الزبن على بناء شبكة علاقات واسعة مع المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، ما ساعدها على تقديم تغطيات دقيقة، وفهم أعمق للملفات الحساسة، وتقديم البرامج بأسلوب متوازن بين المهنية والمصداقية. وقد انعكس ذلك في قدرتها على استضافة الشخصيات الكبرى، وطرح الأسئلة التي تكشف الحقائق دون الانحياز أو التأثير على مجرى الحوار.
إن مسيرة عبير الزبن، من بداياتها في قراءة الأخبار والتحرير إلى تقديم البرامج الحوارية، مرورًا بالعمل الإعلامي العربي، وانتهاءً باستقالتها بعد عشرين عامًا، تشكّل نموذجًا للإعلامية الأردنية التي جمعت بين المهنية، الرصانة، وجرأة الحوار الهادف. وهي مثال حي على القدرة على ترك أثر دائم في المشهد الإعلامي، وإبقاء الصوت المؤثر حاضرًا في ذاكرة المشاهدين، حتى بعد انتهاء مرحلة العمل الرسمي.