في برنامج تلفزيوني تصرّح إحدى الأمهات برغبتها الملِّحة في بيع أطفالها التوأم لإصابتهم بمرض أخبرها الأطباء بأنه يدعى التوحد، علماً بأنها لم تعد تستطيع تحمُّل تصرفاتهم العدوانية المستمرة التي لا تجد لها أية مبررات تذكر سوى أنها عنيفة ولا تطاق.
تفاجأ المذيع من رغبتها وسألها عن الوقت الذي لاحظت فيه تغير سلوك أطفالها، فأخبرته بأن هذا التغيير السلبي بدأ حين بلغوا عمر السنتين، وأضافت بقولها: «إنهم ليسوا كالأطفال الطبيعيين الذين أول ما ينطقون به هو كلمة أمي وأبي، ولكنهم يستمرون في الصراخ، لا أستوعبهم وهم يحرجونني دائماً أمام الناس بتصرفاتهم العدوانية، لذا أريد بيعهم لأنني اكتفيت ولم أعد أستطيع تحملهم أكثر». فسألها المذيع: «هل سألت الطبيب عن التوحد وكيف يمكنكِ التعامل مع أطفالكِ؟»، فردت بتعجب: «لا لم أسأله».
التوحد هو اضطراب في النمو العصبي، ويتم تشخيصه في الطفل منذ عمر الثلاث سنوات من خلال طريقة تفاعله مع مَن حوله. وبعض أعراضه تكون تأخر الطفل في الكلام، ورغبته في اللعب وحده، ولا يدرك مشاعر الآخرين ولا يفضل التواصل البصري المباشر.
كما أنه يؤثر على تطوره في ثلاثة مجالات أساسية: أولاً التواصل والذي يظهر في تأخر اللغة وعدم قدرة الطفل على التعامل مع الآخرين وفهم الجانب الاجتماعي. ثانياً التأثير على المهارات الاجتماعية والتي تكون في التأخر الواضح للنمو الاجتماعي كإدراك مشاعر الآخرين والتواصل البصري، وثالثاً انعدام المقدرة على التخيل لضعف المرونة في التفكير والسلوك، فنجد سلوكياتهم متكررة واعتمادهم الدائم على الروتين وانعدام مقدرتهم على اللعب التخيلي. لذا التعامل مع أطفال التوحد بشكل عام يتطلب مهارات معينة لتفهّم وتلبية احتياجاتهم المختلفة.
إذاً كيف بإمكاننا التعامل مع أطفال التوحد؟
أولاً: مراعاة الحالة النفسية للطفل بمعرفة ما يسعده ويحزنه والحرص على التفاعل معه وعدم إبقائه وحيداً لفترة طويلة، ثانياً: تشجيعه بالتواصل واللعب مع الأطفال من عمره، ثالثاً: تسجيله في مركز أو مدرسة خاصّة للتوحّد والحرص على متابعته في المدرسة، رابعاً: من المهم تعليم الطفل وتدريبه على اتباع طرق الدفاع عن النفس؛ لأن طفل التوحّد لا يستطيع تمييز مصادر الخطر ولا يمكنه الدفاع عن نفسه.
في نهاية الحلقة سأل المذيع الأم ليتأكد من مشاعرها نحو أطفالها قائلاً: «بعد أن عرفت ما هو التوحد، وكل الحواجز والمعوقات التي قد تواجههم، من تظنين هو الشخص المناسب الذي يمكنه حمايتهم والعناية بهم؟»، فتجيبهُ باكية: «الأم طبعاً هي التي يمكنها ذلك»