تمثل دولة إريتريا إحدى أبرز الدول الإفريقية المطلة على البحر الأحمر، بما تحمله من موقع استراتيجي وثروات طبيعية وتنوع ثقافي يعكس عمق تاريخها ومكانتها الجغرافية. وفي قلبها، تقف العاصمة أسمرا شاهدة على مزيج فريد من الحضارة والتاريخ والحداثة.
أسمرا.. مدينة "روما الإفريقية"
تقع أسمرا، عاصمة إريتريا، على ارتفاع يزيد عن 2300 متر فوق سطح البحر، ما يمنحها طقسًا معتدلًا على مدار العام. وتُعرف بلقب "روما الصغيرة" لما تحتويه من مبانٍ ومعالم ذات طابع معماري إيطالي يعود لفترة الاستعمار في القرن العشرين.
أُدرجت أسمرا عام 2017 على قائمة التراث العالمي لليونسكو، اعترافًا بتصميمها المدني الفريد، حيث تجمع المدينة بين العمارة الحداثية، والمباني ذات الطراز الفاشي والآرت ديكو، ما يجعلها متحفًا مفتوحًا للهندسة المعمارية.
دولة الفصول المتداخلة والتاريخ المتنوع
تضم إريتريا حوالي 6.2 مليون نسمة، يتحدثون عدة لغات رسمية وشعبية، من أبرزها التيغرينية والعربية. وتاريخها شهد موجات استعمار متلاحقة، من العثماني والإيطالي إلى البريطاني، قبل أن تنال استقلالها في عام 1993 عن إثيوبيا بعد كفاح طويل.
ومنذ الاستقلال، واجهت البلاد تحديات داخلية وخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقات الحدودية مع إثيوبيا، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تحركات نحو الاستقرار والانفتاح التدريجي على العالم.
اقتصاد واعد وثروات كامنة
إريتريا دولة غنية بالموارد المعدنية كالذهب والنحاس والزنك، وتعمل الحكومة على استثمار هذه الثروات ضمن مشاريع تنموية، إلى جانب تطوير قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والسياحة.
ويمنحها موقعها على ساحل البحر الأحمر أهمية استراتيجية كممر تجاري يربط أفريقيا بآسيا، ويجعل من موانئها نقاطًا حيوية في التجارة الدولية، وهو ما يعزز فرصها المستقبلية في النمو الاقتصادي.
السياحة: عبق الماضي وسحر الطبيعة
رغم التحديات، تشكل أسمرا وجهة سياحية واعدة، بما تحتويه من معالم تاريخية وثقافية، ومبانٍ تراثية، وأسواق تقليدية نابضة بالحياة، بالإضافة إلى طبيعتها الخلابة التي تجمع بين السهول والجبال والسواحل.
وتحرص الجهات المحلية على الحفاظ على الطابع المعماري الفريد للعاصمة، إلى جانب الترويج للسياحة البيئية والتاريخية، ما يجعل من أسمرا وجهة متكاملة لعشاق الاكتشاف.
بلاد تنبض بالحياة والتاريخ
إريتريا، البلد الواقع على هامش الإعلام العربي، تستحق أن يُسلط عليها الضوء كواحدة من الدول الإفريقية التي تجمع بين التاريخ العريق والموقع الاستراتيجي والطموح نحو المستقبل. أما أسمرا، عاصمتها ذات الطابع الأوروبي الإفريقي، فتشكّل نافذة مشرقة تعكس روح التعدد والتنوع والانتماء.
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة، تبرز إريتريا كدولة مرشحة لأن تلعب دورًا مهمًا في الأمن البحري، والتكامل الاقتصادي، والتبادل الثقافي بين القارات.