إلى الجنوب الشرقي من محافظة الكرك وليس بعيدا عن بلدة ذات راس التابعة للواء المزار الجنوبي، تقع بلدة شقيرا التي تبعد عن مركز المحافظة حوالي 25 كيلومترا وحوالي 17 كيلومترا عن بلدتي مؤتة والمزار الجنوبي وتشتهر بتنوع معالمها الأثرية والحضارية ما جعلها وجهة سياحية عالمية أثرية.
وتطل بلدة شقيرا على جبال الطفيلة وحمامات عفرا والبربيطة وسد التنور والعينا جنوبا، ومقامات الصحابة الأجلاء بالمزار شمالا وعلى الطريق الصحراوي شرقا وتحيط بها من الغرب جبال وطرق متعرجة لتشكل مع معالمها التاريخية والحضارية محطة سياحية تستقطب أفواج السياح من الداخل والمنطقة والعالم.
وقال مدير آثار الكرك بالوكالة محمد الطراونة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن بلدة شقيرا تتبع إداريًّا للواء المزار الجنوبي، ويبلغ ارتفاعها حوالي 1105 أمتار عن سطح البحر وزارها رحالة من بينهم موزيل عام 1907، ونلسون جلوك عام 1934، وميللر مع فريق أثناء مسح أثري في هضبة الكرك عام 1991، ولانكستر هاردنج الذي تحدث عنها في كتابه آثار الأردن عام 1965.
وأضاف، إن الرحالة فان زايل أشار إلى أن بلدة ذات راس لعبت دورًا مهما في العصر الحديدي، حيث كانت تقع على الحد الفاصل بين مملكتي مؤاب وإدوم وتحتوي على العديد من التحصينات الدفاعية المؤابية، كما كانت ممرًّا هامًّا للقوافل التجارية في الفترة النبطية، ولكنها لم ترد في مصادر الرحالة والجغرافيين العرب.
وأوضح الطراونة أن بلدة شقيرا يوجد فيها موقع أثري مملوك لدائرة الآثار العامة، لافتا إلى أنه تم التنقيب في الموقع من قبل قسم الآثار والسياحة في جامعة مؤتة بالتعاون مع دائرة الآثار العامة كموقع تدريب للطلاب منذ عام 2002 ولمدة ثمانية مواسم، وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن وجود فترات أثرية هي الفترة النبطية (القرن الأول الميلادي) والأموية والعباسية واللتان تعتبران من أهم الفترات الاستيطانية التي مرت على الموقع وهي مرحلة بناء القصر حيث تم التعرف على ثلاث مراحل للبناء تعود في تاريخها إلى هاتين الفترتين والفترة الإسلامية المتأخرة حيث كان الاستيطان في هذه الفترة أقل بكثير من الفترات السابقة، بالإضافة إلى فترة العصر الحديث حيث ظل الموقع مأهولًا من السكان المحليين حتى سبعينيات القرن الماضي، حيث كشفت التنقيبات أن الطبقات العليا في الموقع تعود إلى هذه الفترة وتفصل الطبقات الإسمنتية بين هذه الطبقة والطبقات الأقدم.
وبين أن الموقع يتألف بشكل عام من البوابة الرئيسة التي تقع في الجهة الشرقية وهي مبنية من حجارة كلسية كبيرة ومتوسطة الحجم، ويوجد ممر يفضي إلى صالة كبيرة مبلطة ببلاط حجري كبير الحجم، أما الجانب الشمالي الشرقي من الموقع فتوجد به أربع غرف متصلة ببعضها بأبواب، في جهة الموقع الجنوبية توجد قاعة كبيرة الحجم تطل على وادي الحسا وتقسم إلى ثلاثة أروقة بأعمدة ذات قواعد حجرية وتاجيات مزخرفة بأشكال نباتية.
ولفت إلى أن أرضية القاعة من فسيفساء ذات أشكال هندسية ونباتية، ومعظم أجزائها لا تزال في حالة جيدة وتربط بوابة صغيرة القاعة بالصالة الرئيسة التي يعتقد أنها كانت قاعة صيفية للأمير كونها على منطقة مرتفعة.
وأكد أن دائرة الآثار العامة تقوم بأعمال التنظيف والصيانة والتأهيل للمواقع الأثرية في ذات راس وشقيرا من خلال المديرية بشكل دوري ومستدام للحفاظ عليها وقد شكَّلت لجنة للوقوف على إمكانية تركيب سقف حماية (مظلة) للأرضية الفسيفسائية في الموقع، علمًا بأن مكانه يقع على قمة واد سحيق ما يعرضه لتيارات هوائية قوية وأمطار غزيرة، لافتا إلى أن القاعة بحاجة ماسة إلى تركيب نظام حماية بمواصفات خاصة لحفظ هذه الأرضية الفسيفسائية