في شمال الأردن، بين جبال تطل على بحيرة طبريا وهضبة الجولان، تقع مدينة "أم قيس"، المدينة العريقة التي تجمع بين التاريخ والطبيعة في لوحة بانورامية تأسر القلوب وتبهج العقول.
"أم قيس" ليست مجرد مدينة أثرية بل هي قصيدة من الحجر تروي عبر العصور. كل ركن فيها يحكي قصة، وكل حجر يهمس بأسرار الحضارات التي مرت من هنا. تجول بين شوارعها المرصوفة بأحجار البازلت السوداء فتشعر أنك تسير على خطى الأباطرة والشعراء والفلاسفة. الأعمدة الشامخة التي تحدت الزمن والمسرح الروماني الذي لا يزال يروي صدى أصوات من ارتادوه يومًا، يذكرك بأن هذه الأرض كانت مهدًا للفكر والفن.
لكن "أم قيس" ليست فقط شاهدة على عظمة الماضي؛ بل هي أيضًا مرآة للطبيعة التي تحيط بها. من شرفاتها الطبيعية، يمكنك رؤية مساحات واسعة من الخضرة تتلاقى مع زرقة السماء والماء. هنا تلتقي الحدود وتتلاشى الفواصل، حيث يلتقي الأردن بفلسطين، وتتناسق الأرض مع السماء في مشهد قلّ نظيره.
في أمسيات "أم قيس"، حيث تتوهج السماء بألوان الغروب، تشعر بأنك أقرب إلى السماء وأنك تقف في مكان تتلاقى فيه الأرض مع الخلود. هنا، حيث تتحد الأرواح مع الطبيعة، تجد نفسك تهمس بأدعية الزمان وترسلها مع نسيم المساء، ليحملها إلى كل من مر من هنا يومًا.
"أم قيس" ليست مجرد مكان، بل هي تجربة تنبض بالحياة، تستيقظ فيها الحواس وتجدد الروح. إنها رحلة في أعماق التاريخ وتأمل في جمال الطبيعة، ومكان تجد فيه النفس سكينتها في حضن الماضي والحاضر معًا.