الباحثة
سهير العلي: مسيرة حافلة في توثيق التراث الفلسطيني والحفاظ على الهوية الثقافية
نيروز – محمد محسن عبيدات
في عالم
تتسارع فيه التغيرات الثقافية والاجتماعية، تبقى الهوية والتراث عنوانًا للانتماء والأصالة.
ومن قلب القدس، تبرز الباحثة والناشطة سهير العلي كواحدة من الشخصيات الملهمة التي
كرّست حياتها لحفظ الموروث الثقافي الفلسطيني وتعزيز حضور التراث في المجتمع. في هذه
المقابلة الحصرية مع وكالة نيروز الإخبارية، نتعرف على مسيرتها الحافلة، نشاطها الاجتماعي
والثقافي، وتجربتها الملهمة في مؤتمر ملهمات المستقبل – المرأة فارسة الدبلوماسية.
نيروز:
سهير، بدايةً حدثينا عن نفسك ومسيرتك في مجال التراث الفلسطيني.
سهير العلي:
أنا سهير العلي، باحثة وموثّقة في مجال التراث الفلسطيني وناشطة اجتماعية من مدينة
القدس. منذ سنوات، كرّست عملي لتوثيق وحفظ الموروث الثقافي الفلسطيني، سواء كان ذلك
مرتبطًا بالعادات والتقاليد أو الفنون والموروثات المادية وغير المادية. أؤمن أن حماية
الهوية التراثية لمدينتنا وشعبنا ضرورة لا غنى عنها للحفاظ على جذورنا وهويتنا الوطنية.
نيروز:
وما هو دورك الحالي في هذا المجال؟
سهير العلي:
أعمل حاليًا في جمعية السباط للحفاظ على الثقافة والتراث الفلسطيني – فرع القدس، تحت
إدارة الباحث خالد عوض. وأسهم من خلال هذا الدور في تطوير المشاريع والبرامج التراثية
التي تُعنى بحفظ الذاكرة الفلسطينية وتعزيز حضورها في الحياة الثقافية في القدس. يتيح
لي هذا العمل فرصة التواصل مع المجتمع المحلي والمساهمة في إبراز التراث الفلسطيني
بشكل حي وفاعل.
نيروز:
هل تتعاونين مع جهات أخرى لتعزيز التراث الفلسطيني؟
سهير العلي:
نعم، أتعاون مع عدد من الجمعيات التي تُعنى بالتراث الفلسطيني، سواء في مدينة القدس
أو في بيت لحم وضواحيها. وننظم معًا فعاليات ثقافية وتراثية في المدارس والمجتمع المحلي،
بهدف تعريف الأجيال الشابة بالموروث الفلسطيني وحثهم على المشاركة في الحفاظ عليه ونقله
للأجيال القادمة.
نيروز:
يبدو أن نشاطك يشمل أكثر من الجانب الثقافي، هل هناك جوانب أخرى؟
سهير العلي:
بالتأكيد، بجانب النشاط الثقافي والتراثي، أشارك في برامج الدعم الإنساني لمرضى السرطان،
وهذا جزء من التزامي الاجتماعي تجاه المجتمع. أرى أن العمل الثقافي والاجتماعي يجب
أن يسير جنبًا إلى جنب، لأن تراثنا وهويتنا يرتبطان أيضًا بروابطنا الإنسانية والمجتمعية.
نيروز:
مؤخراً شاركتِ في مؤتمر ملهمات المستقبل – المرأة فارسة الدبلوماسية الذي أقيم في العاصمة
عمان بتنظيم من فرسان السلام، حدثينا عن تجربتك في هذا المؤتمر؟
سهير العلي:
كانت تجربة رائعة ومميزة، حيث أتيحت لي فرصة عرض خبرتي ومسيرتي في مجال التراث والثقافة
الفلسطينية أمام جمهور مهتم بالقضايا النسائية والدبلوماسية. شاركت بورقة عمل تحدثت
فيها عن تجربتي كناشطة وباحثة فلسطينية، وعن أهمية دمج التراث والموروث الثقافي في
بناء الشخصية والهوية الوطنية للمرأة.
نيروز:
وكيف تقييمين المؤتمر بشكل عام، ومدى رضاك عن تنظيمه وفعالياته؟
سهير العلي:
تقييم المؤتمر ممتاز، فقد كان منظمًا بشكل احترافي، ونجح في جمع مجموعة من النساء الملهمات
من مختلف المجالات. الفعاليات كانت غنية بالمعلومات والتجارب الواقعية، وأتاح المؤتمر
مساحة للحوار وتبادل الخبرات. أنا راضية تمامًا عن المشاركة، وأشجع على استمرار مثل
هذه المبادرات التي تبرز دور المرأة في قيادة التغيير والمجتمع.
نيروز:
ما هي رسالتك للمجتمع حول أهمية التراث الفلسطيني؟
سهير العلي:
رسالتي أن التراث الفلسطيني ليس مجرد ماضٍ يُحتفى به، بل هو هوية حية نعيشها ونعمل
على نقلها للأجيال القادمة. الحفاظ عليه يتطلب وعيًا ومشاركة فعالة من الجميع، ويجب
أن يكون جزءًا من حياتنا اليومية في المدارس، الفعاليات المجتمعية، وحتى في البيوت
والمجتمعات المحلية.
نيروز:
كلمة أخيرة لكل من يرغب بالانخراط في مجال الحفاظ على التراث؟
سهير العلي:
أقول لهم: لا تنتظروا أن يقوم الآخرون بالمهمة نيابة عنكم. كل جهد مهما كان صغيرًا
يسهم في حماية هويتنا وتراثنا. تعلموا عن موروثكم، شاركوا فيه، وكونوا سفراء للثقافة
الفلسطينية في كل مكان.
جسد قصة
سهير العلي نموذجًا حيًا للمرأة الفلسطينية المبدعة والملتزمة، التي لم تكتفِ بتوثيق
التراث، بل جعلت منه جسراً يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، ويغذي الهوية الوطنية. تجربتها
في العمل الاجتماعي والثقافي، ومشاركتها في المؤتمرات الوطنية مثل ملهمات المستقبل
– المرأة فارسة الدبلوماسية، تجعلها بحق قصة نجاح ملهمة لكل من يسعى للحفاظ على التراث
وتعزيز دور المرأة في المجتمع.