نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية: العميد الركن م فنخير الزبن
"أسد من أسود موقعة الجولان"
خمسُُ وأربعون عاماً مرت ،ولا زال خيط حرير بطولة أحد قادة معرکة الجولان عالقاً ما بين شوك الذاکرة وروح الجندية التي لم تفارقني إلی هذه اللحظة،فنخير عضوب الزبن،القاٸد القدوة والأردني الوطني الأسمر السواعد والأبيض السيرة والسريرة، واسمح لجنديك الأٓن سيدي أبا الناصر أنا الجندي رقم ١٤٢٣٢١ س.م.ش عبد الرحيم غزلان أن يأمر بسرية ذکرياته الخالدة أن تتأهب بالمسير عام ٧٣ من ليلة التأهب للقتال بمنطقة الحمراء ليلة وداع الحسين لجحافل الرجال في کتيبة الدبابات الثانية من تشکيل لواء الله لواء ٤٠ المدرع،لأعطي لها شارة الإيعاز بالتدفق بين سيل ليلها الحلو ونهارها الأمر نحو هضبة الجولان السورية الشقيقة ،وأعرني يا أبا الناصر جمرةُُ من وهج الذاکرة لأوقد لهيب نار دبابة السنتشوريان بين حداء المدافع وزغاريد الرصاص.
وأنا أتنقل بين صفحات الذکريات يا أبا الناصر،تستوقفني محطات صفاتك الخالدة ومناقبك الرفيعة العالية، کنت القاٸد الأقسی من صوان الميادين في صحراء حمراء حمد ،وکنت الأکثر حناناً من أقحوان الجولان،لقد شربت من نهر روحك خلال مسيرة شرف الجندية وتعلمت منك ما يضيق عن ذکره المقال ويخجل في حضرته المجال ، الباشا فنخير الزبن وکأنك تحمل عدوی الکرم والسخاء لکل من عرف شخصك ،وکأن الرجولة بين يديك نبعاً صافياً تسقي منه أنفس الشجعان وتقوي سواعدهم علی تحمل المرارات تلو المرارات،والحديث عن هرم شخصك وجبال عطاٸك بحرُُ لا شواطیء له وعالمُُ لا تعرف جغرافيا الحدود حداً له ،وبٸراً عذبةً لا تعکر دلاء النکران مشاربها.
فلتسمح لي سيدي القاٸد الأٓن أن أدق ناقوس ذکريات الرجال بين فولاذ قذاٸف السينتشوريان وشظايا المدافع وصخب الدم وزغاريد النشامی هناك في موقعة الجولان ،لأعيد للأذهان صورة القادة المعجزات والرجال الذين شيدوا صرح هذا الوطن بدمهم وتضحياتهم حين قدموا کل ما يملکون ،لأن الشهداء والقادة والجند في سفر الأوطان أبداً أحياء لا ولن يموتون.
صافحنا الحسين القاٸد الباني طيب الله ثراه ليلة الوداع في الحمراء المفرق ،ولا زلت أذکر عباراته الخالدة وهو يقول ” أنا أثق بکم وبدي ترفعوا روسنا بالجولان وأنا أعرف من أنتم“ ،حين کان ثعلب الدروع قاٸد اللواء المرحوم ”خالد هجهوج المجالي“ قاٸد اللواء، کان المقدم الركن أٓن ذاك ”فنخير عضوب الزبن “ أبو ناصر ،رکناً للعمليات ، سارت الجحافل نحو الجولان ونحن بين نار الصيف ولهيب المعرکة التي تنتظر أرواحنا ،وکنا قد طرزنا أکفاننا ،وحلمنا بالشهادة أکثر من النصر،وفي ”تل الحارّة“ أذرف الأٓن دمعتان بين ملح الشهادة للمرحوم الشهيد الملازم/١ فريد الشيشاني قاٸد السرية الأولی وبين مواقف الأب القاٸد الباشا فنخير عضوب الزبن حين زغردة مدافع السينتشوريان فوق هضبة الجولان ،وزأرت أسود الله وبادرنا نحن بقتال اليهود في صبيحة ذلك اليوم وبعد صلاة الفجر.
وأذکرك هنا سيدي القاٸد أبا الناصر حين دمر العدو الصهيوني إحدی مدرعاتنا القريبة علی أرضه، حين أعطيتني أمراً عسکرياً قتالياً انتحارياً أنا والمرحوم مصلح الفاعوري لسحب الدبابة حتی لا يستولي عليها العدو،فقلت لك حينها ”سيدي الدبابة ضمن مدی التقتيل لنا من قبل العدو “ فقلت ولا زلت أذکر تلك العبارة من فمك” أنا بعثتکم رجال وأعرف من بعثت“ وقمنا بالمهمة علی أکمل وجه وعدنا بعد أن نفذنا أمرك العسکري بين الحياة والموت.
فنخير عضوب الزبن کنت أسداً في بطحاء صحراء حمرا حمد ،وملأت هضبة الجولان زٸيراً سيبقی مدويا عبر تاريخ الأرض وفي سفر التضحيات والخلود، لم أرَ قاٸداً أشرس منك ولم أعرف عوداً أصلب من عودك ،ولم أدرِ عن روحٍ سوی روحك التي تقبل علی الموت مثلما تقبل علی الحياة، حين لقنت العدو في هضبة الجولان عام ١٩٧٣ درساً لا زالت جنرالات اليهود تقرأه وتأخذ عنه المواعظ والدروس والعبر.
وحين عدنا وراية النصر ترفرف فوق هاماتنا ،تشرفت يا أبا الناصر بتسلمك منصب قاٸد کتيبة الدبابات الثانية عن جدارة واستحقاق بطولي، هنا تستوقفني ذکری مناورة حمراء حمد، حين طلبت مني أن أکون أحد الرماة علی السينتشوريان علی الهدف وقد حصلت علی المرکز الأول في الرماية وکافأتني بإجازة لمدة شهر وسلمتني ناقلتك الخاصة بالعلمليات لمدة أربع سنوات حتی أنهيت مسيرتي العسکرية المشرفة،وکنت أنت لا غيرك من أروع النماذج للقادة الذين تمرست علی البطولة وأخذت منهم کل دروس الجندية الفذة.
وبعد أن خط ملح الشيب صفحة سواد عارضي، أنا من غنی علی لحن القذاٸف أهازيج الوطن ،وأنا من عزف لحن النصر برفقة القادة الرجال الکثر والذين کان من أميزهم الباشا فنخير عضوب الزبن أبو ناصر.
أبناء وطني ،هذه الأرض تحمل رواٸح الرجولة وکل معالم البطولة التي کتبها رجالُُ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضی نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا،فنموذح کنموذج الباشا والشيخ فنخير الزبن يجب أن يبقی عالقاً في الذواکر ومکتوباً في سفر أذهاننا، لنبقی نعلم أبناٸنا دروس البطولة والتضحيات والفداء من خلال سرد حکايات خالد هجهوج والباشا فنخير الزبن کنماذج حية تعيش بيننا قدمت ما عجزت الأمة عن تقديمه ، فلا زالت الأردن ولادة للرجال والمجد والبطولة.
صفحة من ذکريات الجندية
بقلم الفنان:” عبدالرحيم غزلان“ أبو سند.