نيروز الإخبارية : بقلم العميد الركن م خلود سليم الحماد.
أبى ... سلام الله عليك وعلى روحك ... التي أشعر بها تحوم حولي ... سلام الله ورحمته على يديك وأنا أشعر بها تمتد نحوي ... وتقترب مني فأشعر بذراعيك وهي تضمني لصدرك لأستمع لقلب ينبض حنانا ولصدى هموم ومتاعب تتكسر أمام شغافه فأحتمي به منها ....
أبي ... أيها الغائب الحاضر ... أشعر بك ألان أكثر من أي وقت مضى ... أو أنك تشعر بحاجتي إليك اكثر من أي وقت مضى ... لماذا ألان ... وقد كتب القدر في سفر صفحاته الفراق منذ زمن ... ألأنني بحاجة لمن يشد من عزمي ويقوي عزيمتي على مواصلة دربك بالعطاء والتضحية ... وان كنت على يقين بأن أي تضحية وأي عطاء سيتضاءل ويصبح بلا قيمة أمام عطائك وتضحيتك ... وكيف لا ودمك كان معينا لهذا العطاء ... وروحك كانت ثمنا لهذه التضحية ...
أبى ... سمعت عنك الكثير ... الكثير ... واظنني كنت أحاول دوما تقمص بعضا مما سمعته ولكن أعترف لك بأنني فقدت هذه الخاصية والتي كانت بمثابة البوصلة التي استرشد بها في غياهب هذه الحياة ... ولهذا تراني أرنو لطيفك علي استعيد ما فقدته ...
أبي ... قالوا لي بأنك كنت لا تحب الضعف والضعفاء ... ولم تكن قوتك لتنحصر بما حباك الله من قوة البدن ... وانما بقوة إيمانك بمبادئك وثباتك عليها ... ولم تكن تخشى بالتمسك بكل ما هو حق لومه لائم ... وفي سبيل هذه المبادئ قدمت النفس قبل النفيس من متاع هذه الحياة الآيلة إلى زوال ...
أبي ... ما أقوله ليس من وحي ما يقال بأن (كل فتاة بأبيها معجبة ) ... لأن القدر والوقت لم يسعفني كباقي الفتيات لأعرفك وأعجب بك عن قرب ... وانما هو حب وإعجاب كل من عرفك وخبرك ... فسيرتك العطره وذكرك الطيب لم ينقطعا وكانا محور جلساتنا مع الوالدة – رحمة الله عليها- حينما كانت تحدثنا عنك ... وعمتي ما زالت تنسكب عبراتها وهي تطالع رسمك الذي بقيت تحتفظ به رغم مرور كل هذه السنين ورغم أميتها تشير إلى العبارة التي خطت تحت رسمك ... (الشهيد البطل سليم مفلح النغمش الحماد /بني صخر) ... وكأنها تطلب من قارئها حفر هذه الكلمات في ذاكرته كما حفر الزمن خطوطه وتموجاته على وجهها الذي كانت تشع منه نظارة الشباب يوم شاء القدر وشاءت ارادة رب العالمين لتنتقل روحك الى بارئها ...من زميلك ورفيق سلاحك ( أبو تيسير ) وهو يقص قصة أخا تحسبه لشدة تعلقه به وبسيرته حينما يحلو له استعادة ما سلبه منه الدهر عنوة من الأحبة ... وكأنما لم تفترقا إلا بالأمس ....
أبي ... حينما تمر بي لحظات ضعف ... أخجل من نفسي ... لأنني في هذه اللحظات لا يحق لي أن أزهو وأفتخر بأنني ابنتك ......