نيروز الإخبارية : ماذا يعني لك هذا اليوم؟ ... سؤال اعتدت كثيرا على سماعه لاسيما في مناسبة كهذه التي نتحدث عنها ... سؤال يتردد بتلقائية ونمطية ورتابة قد تبدو بعيدة عن كل ما يحمله يوم كهذا يستحق منا ان نتوقف لحظات صفاء وتمعن لندرك ... بأن الكثير من الأضداد تتشابك فيه... وتتشابه المعاني ... وتختلط فيه المشاعر... ويتوحد فيه العام بالخاص ... لدرجة يصعب علينا الفصل بينهما ... فليس هنالك يوم تتشابك فيه الحياة والموت كهذا اليوم ... موت نفس لتحيا نفوس ... وموت أرواح ليحيا وطن ... وتجد للموت لذة خاصة وهو يتجلى بأسمى المعاني وهي الشهادة ... رغم قسوته ومرارته ... وتجد في هذا اليوم ربيع امهات يزهو بأبنائهن .... وتستمع لمعاني التضحية والعطاء ... فيختلط عليك المقصود بها للحظات ... أهو الوطن أم هي الأم .... فيوم كهذا هوعنوان لكل ما سبق ... فهل بعد الموت ضد للحياة ... وهل بعد قسوة الموت غير لذة الشهادة ... وهل تتجلى قيم التضحية والعطاء بعيدا عن الأم والوطن ... وهل بعد الأم الوطن غير الوطن الأم .
اذا كان الواحد والعشرون من أذار هو يوم يعز على قلب كل أم وهي ترى مشاعر الحب والعطف التي تملئ قلوب أبناءها لها تتفجر دفئا وحنانا ليعبروا لها وبرمزية هذا اليوم عن مدى حبهم وتقديرهم وامتنانهم لكل يوم وكل شهر وكل سنة بل وكل لحظة مرت عليهم وهم يرفلون بحنانها ورعايتها .
فان يوم الواحد والعشرون من اذار هو يوم يعز على قلب كل اردني في هذا الوطن... عاش بين جنباته وتنسم عبير دحنونه وطيب شيحه وقصومه.... الذي ارتوى بكرامة وعزة ودم ابناءه من شهداء هذا الوطن .... في يوم سجله التاريخ بيوم الكرامة لتكون معركة استعاد فيها الوطن كرامة ظن عدوه في لحظة أنه سلبه اياها.
وبين المناسبتين أجدني أختال وأزهو باثواب الكرامة والامومة ... كيف لا ووالدي أحد شهداء هذه المعركة وكأم أصبغ الله عليها نعمة الأمومة والتي أدعو الله كل صباح ان يديمها علي نعمة وبركة لما أجد في مشاعر الامومة مالا أجد كلمات أوعبارات تصفها ... لكني أجد مشاعر حب صادقة في العيون والقلوب تغنيني عن كل العبارات والكلمات ولتكون لغة العيون والقلوب أصدق من كل العبارات في كل اللغات.
وإذا كانت كرامة الام وعزتها تترجم من خلال ما يمنحها ابناءها من احترام وحب ورعاية واهتمام فان كرامة الوطن وعزته لا تكون الا بتضحيات أبناءه الأوفياء المخلصين ... وكفى بالنفس أن تكون احدى هذه التضحيات ... وكفى بالروح أن تكون ثمنا يدفع لكرامة وطن .. وكفى بشهداء كشهداء الكرامة أن يكونوا من ابناء هذا الوطن ليبقى عزيزا حرا عصيا على كل معتد غاشم .
تملئني مشاعر الزهو والفخار وأنا أستمع لسيرة والدي وقصة استشهاده فأجد لنفسي عذرا قبل أن يمنحني الغير حقا بمشاعر الزهو والفخار لكوني ابنة شهيد خط بدمه معنى الكرامة لأبثه ومن وحي هذه المشاعر كلمات ليست بكلمات بل مناجاة الروح للروح :
والدي ... يكفيني من حبك ما منحته لوطنك ...يكفيني من تضحيتك ما يجعل تضحيات وتضحيات تقف امامها صامته ...يكفيني منك طيف ارنو اليه دائماً اتلمس فيه نور حقاً وحقيقة ..... فليس بعد الموت حق وليس بعد الشهادة حقيقة ...أأقول لك حقاً يا والدي ما يكفيني منك .......؟ يكفيني منك انك والدي.....